قد بيّنا فيما تقدم وصول الكتاب كاملًا بخط مؤلفه، في قسميه المبيض إلى أثناء حرف الدال، وفي المسودة التي انتهى المؤلف من كتابتها سنة ١٠٥١ هـ.
ولما كانت جميع النسخ الكثيرة المتوفرة من هذا الكتاب قد نُسخت من نسخة المؤلف المبيضة ثم من المسودة أو نسخت عن نسخ منسوخة عنها، فقد أصبح اعتماد هذه النسخ لا فائدة ترتجى منه، بل هو نوع من العبث الذي لا نجيزه لأنفسنا، ومن ثم كان معولنا على نسخة المؤلف المبيضة إلى كلمة "دروس" ثم بعد ذلك على مسودة المؤلف إلى آخر الكتاب.
ومع صعوبة قراءة نسخة المؤلف وتتبعه فيما كتب في حواشيها وحشر المعلومات فيها حشرًا غير منظم في كثير من الأحيان، فإننا التزمنا التزاما صارمًا بما كتبه المؤلف، فثبتنا النص كما كتبه وعَلّقنا على ما كُنا نراه حريًا بالتعليق من تصحيح خطأ، أو بيان وهم سواء أكان منه أو ممن نقل منه، واستثنينا من ذلك الأخطاء النحوية الظاهرة وما يماثلها، من نحو حذفه لألف لام التعريف، فقد أصلحناها في المتن وأشرنا إليها في الهامش لكثرتها أولا ولبشاعتها وإفسادها النص لو بقيت على حالها ثانيًا، أما بقية الأخطاء الكثيرة فأثبتناها كما ذكرها المؤلف وأشرنا إلى صوابها في الهامش التزامًا بالمنهج العلمي في المحافظة على نص المؤلف وعدم التسور عليه.
على أننا، ونحن ننقل نص المؤلف من مسودته بعد انتهاء المبيّضة، فإننا ربما تصرفنا بعض تصرف في ترتيب أسماء الكتب لا سيما تلك التي كتبها في حواشي المسودة أو استدركها في أماكن أخرى، وعذرنا في ذلك أنَّ المؤلف قد أعاد الترتيب عند تبييض ما بَيّضه من المسودة، وهو تصرف فيما نرى لا يضر لأنه لا يتسوّر على المؤلف ولا يغير في النص الذي كتبه.
وقد قابلنا النص بالمطبوعة التركية وثبتنا الاختلافات الكثيرة بينها وبين النص الذي كتبه المؤلف، لأنها هي الطبعة المنتشرة بين أوساط الباحثين يعتمدونها منذ ظهورها قبل ما يقرب من ثمانين عاما إلى يوم الناس هذا، وقد زعم ناشروها أنهم رجعوا إلى نسخة المؤلف التي بخطه، وهو أمر فيه نظر شديد، فقد كانوا كثيرًا ما يخالفون هذه النسخة إما اعتمادًا على الطبعة الأوربية أو على نسخة راغب باشا التي غيّرت النص وزادت عليه وحذفت منه وعَدّلت فيه كما نص على ذلك ناسخها، وإن