للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثاني في مَنْشأ إنزال الكتب واختلاف الناس وانقسامهم

وفيه إفصاحات:

الإفصاح الأوّل: في حِكْمةِ إنزالِ الكُتُب.

واعْلَم أَنَّ الإنسان لما كانَ مُحتاجًا إلى اجتماع مع آخر من بني نَوعِه في إقامة معاشه والاستعداد لمعادِه، وذلك الاجتماع يجب أن يكون على شكل يَحْصل به التَّمانُعُ والتَّعاونُ حتَّى يُحفظ بالتّمانع ما هو له ويَحْصل بالتّعاون مًا ليس له من الأمورِ الدُّنيويةِ والأُخْرَوية. وكان في كثيرٍ منها ما لا طريق للعَقْل إليه، وإنْ كانَ فيه فبأنظار دقيقةٍ لا تتيسر إلا لواحدٍ بعدَ واحدٍ اقْتَضَتِ الحِكْمَةَ الإلهية إرسالَ الرُّسل وإنزالَ الكُتُب للتَّبشير والإنذار وإرشادِ النّاس إلى ما يحتاجون إليه من أمور الدين والدُّنيا. فصورة الاجتماع على هذه الهيئة هي المِلّة، والطريقُ الخاص الذي يَصِلُ إلى هذه الهيئة هو المنهاج والشِّرْعةُ، فالشَّريعة ابتدأت من نُوح ، والحدود والأحكام ابتدأت من آدمَ وشِيثَ وإدْرِيسَ وخُتِمَت بأتمها وأكملها، فمن الناس من آمن بهم واهتدى، ومنهم من اختارَ الضَّلالةَ على الهُدَى فظهر اختلاف الآراء والمذاهب من الكُفَّار والفِرق الإسلامية، وكُلُّ حِزْبٍ بما لديهم فرحون.

الإفصاح الثاني: في أقسام النّاس بحسب المذاهب والديانات.

اعْلَم أَنَّ التَّقسيم الضابط أن يُقال: من الناس من لا يقولُ بمحسوسٍ ولا بمعقولٍ، وهم السُّوفَسْطائية، فإنَّهم أنكروا حقائق الأشياء.

ومنهم من يقولُ بالمَحْسوس ولا يقول بالمعقول وهم الطبيعية. كُلٌّ منهم مُعَطِّلٌ لا يرد عليه فكره براد ولا يَهْديه عقله ونَظَرُه إلى اعتقاد، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>