للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكرُ النَّقْطِ والإعجام في الإسلام:

اعلم أن الصَّدرَ الأول أخذ القُرآن والحديث من أفواهِ الرِّجالِ بالتلقين ثم لمّا كثرُ أهل الإسلام اضْطُرُّوا إلى وضع النَّقْط والإعجام، فقيل: إن أول مَن وَضَع النَّقطَ: مَرَارٌ، والإعجام: عامرٌ، وقيل: الحَجّاج وقيل: أبو الأسود الدولي بتلقين علي ، إلا أن الظاهر أنهما موضوعانِ مع الحروف، إذْ يَبعُد أنّ الحُروفَ معَ تشابه صُوَرِها كانت عَرِيّةً عن النقط إلى حين نقط المصحف. وقد رُوِىَ أن الصحابةَ جَرَّدوا المصحف من كلِّ شيءٍ حتى النَّقط، ولو لم يوجد في زمانهم لما يصح التجريد. وذَكَر ابن خَلِّكانَ (١) في ترجمة الحجاج أنه حَكَى أبو أحمد العسكري في كتاب "التصحيف أنّ النّاسَ مَكَثوا يقرؤونَ في مصحفِ عُثمانَ نيفا وأربعين سنةً إلى أيام عبد الملك بن مروان، ثم كَثُر التصحيف وانتشر بالعراق، ففَزع الحجاج إلى كُتّابه وسألهم أن يَضَعوا لهذه الحُروفِ المُشتبهة علامات، فيقال: إِن نَصْرَ بنَ عاصم، وقيل: يحيى بنَ مَعْمَر (٢) قام بذلك، فوَضَع النقط، وكان مع ذلك أيضًا يقعُ التصحيف، فأحدثوا الإعجام. انتهى (٣).

واعلم أنّ النقط والإعجامَ في زماننا واجبانِ في المصحف، وأما في غير المصحف فعندَ خَوْف اللَّبْس واجبٌ (٤) ألبتة؛ لأنهما ما وُضعا إلّا لإزالته، وأمّا معَ أمن اللبس فترْكُه أَوْلَى سَيَّما إذا كان المكتوب إليه أهلًا. وقد حُكِيَ


(١) هذا كله منقول من مفتاح السعادة ١/ ٨٩، وينظر: وفيات الأعيان ٢/ ٣٢، والتصحيف للعسكري، ص ١٣.
(٢) قوله: "وقيل: يحيى بن معمر" لم يرد في المطبوع من وفيات الأعيان.
(٣) مفتاح السعادة ١/ ٩٠.
(٤) في م: "واجبان"، والمثبت من خط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>