للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[شخصيته]

يقول محمد عزتي بن لطف الله الذي اشترى معظم مؤلفات كاتب جلبي ومسوداتها من تركته عقب وفاته بعامين إنه كان رجلًا صاحب همة، حَسَنَ الطباع، قليل الحديث، حكيم النزعة (١).

ويصفه عشاقي زاده الذي صاحبه في شبابه في عدة أبيات من الشعر التركي تقول (٢):

مع الزاهد والعابد رفيق وشريك مشرب واحد

يرى لكل قاعدة ما يناسبها

وأرْسَلَ على هؤلاء المتعلمين الجدد

صوته الشجي كالناي حسنا

ولم يك قعيدًا كالدجاجة ليلًا عند مسقاها

وهو صغيرُ مع الصغير كبيرٌ مع الكبير (٣).

وقد حظي كاتب جلبي بسمعة طيبة، ونال تقدير الناس واحترامهم في حياته وبعد مماته، ولم يخرج على ذلك إلّا رجل يدعى الشيخ محمد نظمي في كتابه الذي ألفه عام ١١٠٨ هـ (١٦٩٦ م) تحت عنوان "هدية الإخوان وعبرة الخلان"، فقد كتب عن العلاقة التي كانت بين قاضي زاده والشيخ السيواسي، وتعرض وهو يترجم لحياة الثاني لكاتب جلبي، فَقَدَحَهُ بلسان غليظ. والحق أن مؤلفات كاتب جلبي كلها تشهد على روحه السمحة، وموضوعيته في النقد، وحياده بين الأطراف المختلفة (٤). فقد كان كاتب جلبي رجلًا وقورًا ينفر من الهجاء (٥)، ولم يتحدث في كتابه عن الهزل والمزاح إلا قليلا، إذ كان يعرف للأخلاق السامية قدرها، ولهذا امتدح كتاب (اخلاق علائي) في الأخلاق والحكم والسياسة بما لم يمتدح به كتابًا آخر، وامتدح


(١) انظر جهاننما، مكتبة طوب قابي روان، رقم ١٦٢٤، ورق ١.
(٢) ذيل عشاقي زاده، مكتبة حفيد أفندي، رقم ٢٤٢، ورق ١٣١ /أ.
(٣) رند وزاهدله همدم وهمرنك.
(٤) انظر: هدية الإخوان، مكتبة. السليمانية، حاجي محمود أفندي، رقم ٤٥٨٧.
(٥) انظر: كشف الظنون، ٢/ ١٠١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>