للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عِلْمُ بدائع القُرآن

ذكَرَه المولى أبو الخَير (١) من جُملةِ فُروع عِلْم التَّفسير، ولا يخفَى أَنَّه هو عِلْم البديع، إلّا أنّه وَقَعَ في الكلام القديم.

عِلْمُ البديع

هو عِلْم يُعرَف به وجوهٌ تُفيدُ الحُسْنَ في الكلام، بعد رعاية المطابقة لمُقتضى المقامِ ووُضوح الدّلالة على المَرام، فإنَّ هذه الوُجوهَ إنما تُعدُّ محسِّنةً بعدَ تَينِكَ الرّعايتين، وإلا لكانَ كتعليق الدرر على أعناق الخنازير. فمرتبة هذا العلم بعد مرتبةِ عِلْمَي المعاني والبيان، حتى إنَّ بعضهم لم يجعله علمًا على حِدَةٍ، وجعله ذيلا لهما، لكنَّ تأخُرَ رُتبته لا يمنعُ كونه علمًا مُستقلا، ولو اعتُبِرَ ذلك لما كان كثير من العلوم علمًا على حِدَةٍ، فتأمل. وظَهَرَ من هذا موضوعُه وغَرَضُه وغايتُه.

وأما مَنفعته: فإظهارُ رَونَقِ الكلام حتى يَلِجَ الأذنَ بغير إذْنٍ وتَعلَّق (٢) بالقلب من غير كدٍّ، وإنما دَوَّنوا هذا العلم لأن الأصل وإن كان الحُسْنَ الذاتي وكان المعاني والبيانُ مما يكفي في تحصيله، لكنَّهم اعتَنوا بشأنِ الحُسْنِ العَرْضِي أيضًا، لأن الحسناءَ إذا عَريَتْ من المُزيِّنات ربَّما يَذهَلُ بعضُ القاصرين (٣) عن تتبع محاسنها، فيفوتُ التمتّع بها.

ثم إنَّ وجوه التَّحسين الزائدِ إما راجعة إلى تحسين المعنى أصالة، وإن كان لا يخلو عن تحسين اللفظ تبعًا، وإما راجعةٌ إلى تحسين اللفظ كذلك، فالأُولى تُسمّى معنويةً، والثانية لفظية.


(١) مفتاح السعادة ٢/ ٤٥٤.
(٢) في م: "ويتعلق"، والمثبت من خط المؤلف.
(٣) في الأصل: "القاصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>