للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لماذا فعلت؟ قال: لأنَّهم إذا كَتَبُوا اعتمدوا على الكتابة وتركوا الحِفْظُ فيعرضُ الكتاب عارض فيفوتُ عِلْمُهم. واستَدَلَّ أيضًا بأنَّ الكتابَ مما يزيد فيه وينقص ويُغَيَّر، والذي حَفِظَ لا يمكن تغييره؛ لأنَّ الحافظ يتكلم بالعِلْم والذي يُخبر عن الكتابة يخبر بالظَّنِّ والنَّظَر (١).

ولما انتشر الإسلام، واتسعت الأمصار، وتَفَرَّقت الصَّحابةُ في الأقطار، وحَدَثت الفتن واختلاف الآراء، وكَثُرَت الفتاوى والرجوع إلى الكُبَرَاء أَخَذُوا في تدوين الحديث والفقه وعُلوم القُرآن، واسْتَغَلُوا بِالنَّظَرِ والاسْتِدْلالِ والاجتهادِ والاستنباط، وتمهيد القواعد والأصول، وترتيب الأبواب والفُصول، وتكثير المسائل بأدلتها، وإيرادِ الشُّبهة بأجوبتها، وتعيين الأوضاع والاصطلاحات، وتبيين المذاهب والاختلافات.

وكان ذلك مصْلحةً عَظِيمةً وفِكْرةً في الصّواب مستقيمةً، فرأوا ذلك مُسْتَحَبًّا، بل واجبًا لقضية الإيجاب المذكور مع قوله ﵇: "العِلْم صَيْدُ والكتابة قَيْدُ، قَيِّدُوا رحمكم الله عُلومَكُم بالكتابة" (٢)، الحديث.

الإشارة الثالثة: في أوّل مَن صَنَّف في الإسلام.

واعلم أنَّهُ اختُلِفَ في أوّل مَن صَنَّفَ، فقيل: الإمام عبد الملك (٣) بن


(١) لم نقف عليه بهذا اللفظ.
(٢) لم نقف عليه بهذا اللفظ، وروي من حديث أنس بن مالك ﵁ بإسناد ضعيف موقوفًا: "قيدوا العلم بالكتابة"، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير ٥/ ٢٠٨، والطبراني في الكبير (٧٠٠)، وكذا من قول عمر بن الخطاب ﵁، أخرجه الدارمي في سننه (٤٩٧)، وعن ابن عباس، كما في طبقات ابن سعد ١/ ١٧٠ (متمم الصحابة) وكتاب العلم لابن أبي خيثمة (١٤٨) وغيرهم.
(٣) ترجمته في تهذيب الكمال ١٨/ ٣٣٨ والتعليق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>