من أن يَخْطر بباله الرُّجوع إليه ويَخْتَلجُ في صَدْره النَّظَرُ والمطالعة في وقتٍ ما وذلك مَشْغلةٌ بما سِوَى الله تعالى.
تذنيب: في طريق النَّظَر والتَّصْفية.
واعْلَم أَنَّ السَّعادة الأبدية لا تتم إلا بالعِلْم والعَمَل، ولا يُعْتَدَّ بواحدٍ منهما بدونِ الآخر، وأنَّ كُلًّا منهما ثمرةُ الآخر مِثْل (١) إِذا تَمَهَّرَ الرَّجلُ في العِلْم لا مَنْدُوحة له عن العَمَل بموجبه، إذ لو قَصَّر فيه لم يكُن في عِلْمه كمال وإذا باشَرَ الرَّجُلِ العَمَلَ وجاهدَ فيه وارتاضَ حَسْبما بَيَّنُوه من الشَّرائِط تَنْصَبُّ على قَلْبه العُلومُ النَّظَرية بكمالها، فهاتان طريقتان:
الأولى منهما: طريقة الاستدلال. والثانية: طريقةُ المُشاهدة. وقد ينتهي كل من الطريقتين إلى الأخرى فيكون صاحبُه مَجْمَعًا للبَحْرين، فسالكُ طريق الحق نوعان:
أحدهما: يبتدئ من طريق العِلْم إلى العِرفان، وهو يشبه أن يكون طريقة الخليل ﵇ حيث ابتدأ من الاستدلال.
والثاني: يبتدئ من الغَيْب ثم يَنْكشِف له عالم عالم الشَّهادة، الشَّهادة، وهو طريقُ الحبيب حيثُ ابْتُدِأ بشَرْح الصَّدْر وكُشِفَ له سُبحات وجهه.
[مناظرة أهل الطريقين]
اعْلَم أَنَّ السّالكين اختلفُوا في تفضيل الطريقين، قال أرباب النَّظر: الأفضل طريقُ النَّظَر؛ لأنَّ طريقَ التّصفية صَعْبُ والواصل قليل على أنه قد يَفْسُد المِزاج ويَخْتَلِط العَقْلُ في أثناءِ المُجاهدة. وقال أهلُ التَّصفية: العُلوم