للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما فرغ من التّعلّم جلسَ للنّاس فخَطَرَ بقَلْبه يومًا خاطرٌ من قِبَل الحقّ فحمل كُتُبه إلى شَطِّ الفُرات فجلسَ يَبْكي ساعةً، ثم قال: نِعْمَ الدَّليل كُنْتِ لي على رَبِّي، ولكن لما ظَفَرتُ بالمدلول الاشتغال بالدليل مُحالٌ، فغَسَلَ كتبَهُ.

وذكرَ ابن المُلَقِّن في ترجمته من طبقات الأولياء" (١) ما نصه: وقد رُوِيَ نحو هذا عن سفيان الثَّوري أنّه أوصَى بدَفْن كُتُبه، وكانَ نَدِمَ على أشياءَ كتبها عن الضعفاء.

وقال ابن عَساكر في الكُنى من "التاريخ" (٢): إِنَّ أَبا عَمْرو بن العلاء كانَ أعلم النّاس بالقُرآن والعَرَبية وكانت دفاتره ملء بيتٍ إلى السَّقْف ثم تنسك وأحرقها.

فائدة: ذكرها البقاعي في حاشيته على شرح الألفية للزين العراقي.

وهي أنَّه قال: سألت شَيْخَنا، يعني ابن حَجَر العَسْقَلاني، عَمّا فَعل داود الطائي وأمثاله من إعدام كتبهم ما سببه فقال: لم يكونوا يرون أنَّه يجوزُ لأحدٍ روايتها لا بالإجازة ولا بالوجادة بل يرون أنه إذا رواها أحد بالوجادة يُضَعَّف، فرأوا أنَّ مَفْسَدة إتلافها أخف من مَفْسَدة تضعيف بسببهم (٣). انتهى.

أقول: وجوابه بالنَّظَر إلى فنِّ الحديث، وهو لا يقعُ جوابًا عن إعدام ابن أبي الحواري وأمثاله، لأن الأوّل بسبب ضعف الإسناد، والثاني بسبب الزهد والتَّبَتُّل إلى الله تعالى، ولعل الجواب عن إعدامهم أَنَّه إن أخرجَهُ عن مِلْكه بالهِبَةِ والبَيْع ونحوه لا تَنْحَسِمُ مادة العلاقة القلبية بالكلية ولا يأمن


(١) طبقات الأولياء، ص ٣٢.
(٢) تاريخ دمشق ٦٧/ ١٠٨.
(٣) النكت الوفية بما في شرح الألفية ٢/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>