للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الباب الثاني في مَنْشأ العلوم والكتب

وفيه: فصول أيضًا.

الفصل الأوّل في سَبَبِه (١)

وفيه: إفهامات:

الإفهام الأوّل: في أنَّ العِلْمَ طبيعيٌّ للبَشَر، وأَنَّهُ مُحتاج إليه.

واعْلَم أنَّ الإنسان قد شاركَهُ جميع الحيوانِ في حَيوانيته من الحِسِّ والحَرَكة والغِذاء وغير ذلك من اللوازم، وإنما يمتاز عنه بالفكر وإدراك الكُلّيات الذي يَهْتَدِي به لتحصيل مَعاشِه والتّعاون عليه بأبناءِ جِنْسِه وقبول ما جاءت به الأنبياء عن الله تعالى والعَمَل واتباع صلاح أُخْرَاهُ فهو مُفَكرٌ في ذلك دائمًا لا يفتر عنه.

وعن هذا الفِكْرِ تنشأ العُلوم والصَّنائعُ ثم لأجله، ولِمَا جُبِلَ عليه الإنسانُ بل الحيوان من تحصيل ما تستدعيه الطَّباعُ يكون الفكر راغبا في تحصيل ما ليس عندَهُ من الإدراكات فيرجعُ إلى ما استفاد عنه، إما من الأفواه أو من الدوال عليه.

فهذا ميلٌ طبيعيٌّ من البَشَرِ إلى الأخذ والاستفادة، فمنهم مَن ساعدَهُ فَهْمَه ومنهم مَن لم يساعده مع ميله إليه. وأما عَدِيم (٢) المَيْل فلأمرٍ عارِضي كفسادِ المِزاج وبعد المكان عن الاعتدال فلا اعتداد به.


(١) في م: "سببها"، والمثبت من خط المؤلف، والمقصود: العلم.
(٢) في م: "عدم"، والمثبت من خط المؤلف، والعبارة مستقيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>