كتاب كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون - ط الفرقان

باب الهاء - علم الهيئة - ج: 7 - ص: 636

عِلمُ الهيئة

قال (١) التقي الراصد في "سدرة منتهى الأفكار": علم الهيئة صَنْعةُ العالم العِلْوي والسفلي من أعز العُلوم وأغلاها، وأَنْفَس الفهوم وأَعْلاها، وأحقها بالاهتمام في التحصيل، وأولاها، كيف لا، وهو من أكبر دلائل الوجود المُطلق والوحدانية، وأجل مسائل التنزيه المحقق والفردانية، ويه صارَ المُتَفَكّر من ذَوِي الألباب والاستبصار ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: ١٩١] يا له من عِلْمٍ عظيم وفَنٍّ جَسيم حَرِيٌّ بأن يُقال فيه: مَن يَتَفكّر في هيئات السَّماوات فهو في معرفة الله تعالى عَقِيم.

ثم لم لا وقد كانَ بعض موضوعاته من أجل أقسام الحي القيوم على تَصِحة تنزيله في قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ [الواقعة: ٧٥] منوِّهًا قدره الجَسيم ومُنَبِّهًا على شأنه الفَخِيم في القُرآن الكريم بنص ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ [الواقعة: ٧٦] مؤكدًا إجلال ذلك القسم بتثنيته في عزيز قوله: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨)﴾ [التكوير: ١٥ - ١٨] مُوَطِّدًا ذلك التعظيم بموازنته للقسم بوجوده الواجب والإضافة إلى تلك الآثار العجائب بمضمون ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠] لا جَرَم تطاولت إلى تناوله أعناق الأفاضل، وتنافست في تحصيل مَسائله نفوسُ الأماثل، وما زالوا جيلا بعد جيل مَسْتَمدين من الوحي السماوي المُنَزَّل على السّيّد الجليل والنَّبي الصديق القديس المرفوع إلى المقام النفيس رسول الله إدريس على نبينا ورسولنا العظيم وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم مُجدِّين في إقامةِ البَرَاهين على تلك الأصول المَنْقُولة، ومجتهدين في تطبيقها

---

(١) هذا الشرح الطويل عن علم الهيئة سقط كله من الطبعتين الأوربية والتركية، وهو ثابت بخط المؤلف في المسودة.