للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأوائل قبل الرسوخ والإحكام، حتى يُرْوَى أَنَّهُم أَحْرَقوا ما وجدوا من الكُتُبِ في فتوحاتِ البلاد (١)، وقد ورد النّهي عن النَّظَر في التَّوراة والإنجيل، لاتحاد الكلمة واجتماعِها على الأخذ والعَمَل بكتاب الله وسُنّةِ رسولِ الله واستمر ذلك إلى آخر عَصْر التابعين. ثم حدَثَ اختلافُ الآراء وانتشار المذاهب، قال الأمرُ إلى التّدوين والتَّحْصِين.

الإشارة الثانية: في الاحتياج إلى التّدوين.

واعْلَم أَنَّ الصَّحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين لخُلُوص عَقيدَتِهم ببركة صحبة النبي ﵇ وقُرب العَهْد إليه ولقلة الاختلاف والواقعات وتمكّنهم من المُراجعة إلى الثّقاتِ كانوا مُسْتَغنين عن تَدْوينِ عِلْم الشَّرائع والأحكام حتى أنَّ بعضَهُم كَرِه كتابةَ العِلْم واستدل بما رُوِيَ عن أبي سعيد الخُدْري أنّه استأذن النبي ﵇ في كتابة العِلْم فلم يأذن له (٢).

ورُوي عن ابن عباس أنَّه نَهَى عن الكتابة وقال: إنما ضَلَّ مَن كان قبلكم بالكتابة (٣).

وجاءَ رجلٌ إلى عبد الله بن عبّاس ﵄، فقال: إِنِّي كتبتُ كتابًا أريد أن أعرضَ عليكَ. فلما عَرَضَ عليه أخَذَ منه ومَحَا بالماء، وقيل له:


(١) لم يصح ذلك، فلا يوجد خبر ثابت يؤيد هذه المقولة.
(٢) يشير إلى حديث عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج"، وهو في صحيح مسلم (٢٠٠٤) وغيره، لكنه معلول، فالصواب أنه موقوف من قول أبي سعيد الخدري: ما كنا نكتب غير التشهد والقرآن، وقد أفاض الدكتور بشار عواد معروف في بيان علته في بحثه عن تدوين الحديث في موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة ٨/ ٢٣٧ فما بعدها.
(٣) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم ١/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>