للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثالث في العِلْمِ المُدَوَّن وموضوعه ومبادئه ومسائله وغايته

واعلم أن لفظ العِلْم كما يُطلق على ما ذُكِرَ، يُطْلَقُ على ما يُرادفه، وهو أسماء العلوم المدوّنة كالنَّحْو والفقه، فيُطلقُ كأسماء العلوم تارةً على المسائل المخصوصة، كما يُقال فلان يعلمُ النَّحْوَ، وتارةً على التَّصْدِيقات بتلك المسائل عن دليلها، وتارةً على المَلَكةِ الحاصلة من تكرّر تلك التصديقات، أي: مَلَكَة استحضارها. وقد تُطلقُ (١) المَلَكةُ على التهيؤ التام، وهو أن يكون عنده ما يكفيه لاستعلام ما يُراد.

والتَّحقيقُ أنَّ المعنى الحقيقي للفظ العِلْم هو الإدراك. ولهذا المَعْنَى مُتَعَلَّقٌ هو المعلوم، وله تابع في الحصول يكون وسيلةً إليه في البقاء هو المَلَكةُ، فأُطْلِقَ لفظ العِلْم على كُلّ منها إما حقيقةً عُرفيةً، أو اصطلاحية، أو مَجازًا مَشْهورًا.

وقد يُطلق على مجموع المسائل والمبادئ التَّصَوريةِ والمبادئ التَّصْدِيقية والموضوعات، ومن ذلك يقولون: أجزاء العلوم ثلاثةٌ.

وقد تُطلقُ (٢) أسماء العلوم على مفهومٍ كُلِّي إجمالي يُفَصَّل في تعريفه، فإِن فُصِّلَ نفسَهُ كانَ حَدًّا إسميًّا، وإن بَيَّنَ لَازِمَهُ كانَ رَسْمًا إسميًّا.

وأما حَدّه الحقيقي فإنَّما هو بتَصَوّر مسائله، أو بتَصَوّرِ التَّصْديقات المُتَعَلِّقة بها، فإنَّ حقيقةَ كُلِّ عِلْم مسائل ذلك العِلم، أو التصديقاتُ بها، وأمّا المبادئ وآنية الموضوعاتِ فإنَّما عُدَّت جُزءًا منها لشِدَّةِ احتياجها إليها.


(١) في الأصل: "يطلق".
(٢) كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>