للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٥٥٠ - الألطافُ الخَفِيّة في أشرافِ الحَنَفَيّة:

لمجد الدين أبي طاهر محمد (١) بن يعقوب الفيروزآبادي، المتوفَّى سنة سبع عشرة وثمان مئة.

عِلْمُ الألغاز (٢)

وهو عِلْمٌ يُتعرَّفُ منه دِلالة الألفاظ على المُراد دِلالةً خَفيّةً في الغاية لكن لا بحيث تنبو عنها الأذهانُ السليمة بل تستحسنها وتنشرحُ إليها، بشرط أن يكونَ المراد من الألفاظ الذُّواتِ الموجودة في الخارج، وبهذا يفترقُ من المُعمَّى؛ لأنَّ المراد من الألفاظ اسم شيء من الإنسان وغيره.

وهو من فُروع عِلْم البيان؛ لأن المعتبر فيه وضوح الدلالة كما سيأتي. والغَرَضُ فيهما: الإخفاء وسَتْرُ المُراد. ولمّا كان إرادة الإخفاء على وَجْه النُّدرة عند امتحان الأذهان لم يَلْتَفِتهُما البلغاء حتى لم يَعدُّوهما أيضًا من الصنائع البديعية التي يُبحَثُ فيها عن الحُسن العَرَضي. ثم هذا المدلول الخفي إن لم يكن ألفاظًا وحُروفًا بلا قَصْدِ دِلالتها على معانٍ أُخَرَ بل ذواتٍ موجودةٍ يُسَمَّى اللُّغز، وإن كان ألفاظًا وحُروفًا دالّة على معانٍ مَقصودة يُسمَّى مُعمَّى. وبهذا يُعلَمُ أنَّ اللفظ الواحد يمكن أن يكونَ مُعمًّى ولُغَزًا باعتبارَيْن؛ لأنّ المدلول إذا كان ألفاظًا: فإنْ قُصِد بها معانٍ أَخَرُ يكونُ مُعمًّى، وإِنْ قُصِد ذواتُ الحروف على أنها من الذوات يكون لغزًا. وأكثرُ مبادئ هذين العِلمَيْنِ مَأخوذُ من تتبع كلام المُلْغِزينَ وأصحابِ المُعمَّى، وبعضُها أمورٌ تخييلية تعتبرها


(١) تقدمت ترجمته في (٨٩٥).
(٢) قال في الصحاح: ألْغَزَ في كلامه: إذا عمَّى مُراده والاسم: اللُّغز، والجمع: ألغاز، مثل رطب أرطاب، والموضوع كله من مفتاح السعادة ١/ ٢٤٩ - ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>