للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلا وَجْهَ لإفرازه، ولو كان مثل ذلك علما لكان الأمر عسيرًا، وذَكَر أنّ ابنَ البوّاب نَظَم فيه قصيدة رائيَّةٌ بليغة استقصى فيها أدوات الكتابة ولياقوت رسالةٌ فيه أيضًا.

ومنها: علمُ قوانين الكتابة، أي: كيفيَّةِ نَقْش صُوَر الحُروفِ البسائط، وما ذلك إلّا علمُ الخطّ.

ومنها: علم تحسين الحروف، وهو أيضًا من قبيل تكثير السواد. قال: ومَبْنَى هذا الفن الاستحسانات الناشئة من مقتضى الطباع السليمة بحسب الإلْفِ والعادةِ والمِزاج بل بحسَبِ كلِّ شخصٍ شخص وغير ذلك مما يُؤْثَرُ في استحسانِ الصُّور واستقباحِها، ولهذا يتنوّع هذا العلم بحسب قوم قوم (١)، ولهذا لا يكاد يوجَدُ خَطَّانِ متماثلان من كل الوجوه.

أقول: ما ذكره في الاستحسان مُسَلَّمٌ لكن تنوُّعه ليس بمتفرع عليه وعَدَمُ وجدانِ الخطَّيْنِ المتماثلين لا يترتب على الاستحسانِ بل هو أمر عادي قريب إلى الجبلي كسائر أخلاقِ الكاتب وشمائله وفيه سرّ إلهي لا يَطَّلِعُ عليه إلّا الأفراد.

ومنها: علم كيفية تولُّد الخطوط عن أصولها بالاختصار والزِّيادةِ والتغيير، وهو أيضًا من هذا القبيل.

ومنها: علم ترتيب حروفِ التهجِّي بهذا الترتيب المعهود وإزالة التباسها بالنَّقْط. ولابنِ جِنِّي (٢) والجنزيِّ رسالةٌ في هذا الباب.

أمّا ترتيبُ الحُروفِ فهو من أحوالِ علم الحُروفِ وإعجامِها من أحوالِ علم الخط.


(١) في م: "قوم وقوم"، والمثبت من خط المؤلف، وهو الموافق لما في مفتاح السعادة ١/ ٨٨.
(٢) في الأصل: "الجني".

<<  <  ج: ص:  >  >>