للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُرْشدُه ذِهْنُه إِلى مَعَاد، قد ألِفَ المحسوسَ ورَكَنَ إِليه وظَنَّ أَنْ لا عالم وراء العالم المحسوس، ويقال لهم: الدَّهْريون أيضًا، لأنَّهم لا يثبتون معقولًا.

ومنهم مَن يقولُ بالمَحْسُوسِ والمَعْقُولِ ولا يقولُ بحدودِ الأحكام (١)، وهم الفلاسفة، فكلٌّ منهم قد تَرَقّى عن المَحْسوس وأثبت المعقول، لكنّه لا يقولُ بحدودٍ وأحكام وشريعة وإسلام، ويَظُنُّ أَنَّهُ إِذا حصل له المعقول وأثبت العالم مبدأ ومعادًا وصل إلى الكَمَالِ المَطلوب من جِنْسه، فتكون سعادته على قدر إحاطته وعلمه وشقاوته بقدر جهله وسفاهته وعقله هو المُسْتَبِدُّ بتحصيل هذه السَّعادة.

وهؤلاء الذين كانوا في الزَّمن الأول دَهْريةٌ وطبيعيةُ وآلهية لا الذين أخذوا علومهم عن مشكاة النبوة.

ومنهم من يقول بالمحسوس والمعقول والحدود والأحكام ولا يقول بالشريعة والإسلام، وهم الصَّابئة، فهم قوم يقرب من الفلاسفة ويقولونَ بحدود وأحكامٍ عَقْليةٍ رُبّما أخذوا أصولها وقوانينها من مؤيَّدٍ بالوحي إلا أنَّهم اقتَصرُوا على الأول منهم وما تعدوا إلى الآخر. وهؤلاء هم الصابئة الأولى الذين قالوا بغَاذِيمونَ وهِرْمِس، وهما شيث وإدريس ﵉، ولم يقولوا بغيرهما من الأنبياء.

ومنهم مَن يقولُ هذهِ (٢) كُلّها وشَرِيعة ما وإسلام، ولا يقولُ بشريعة محمد ﵇ وهم المَجُوس واليهود والنصارى.

ومنهم مَن يقول هذه (٣) كُلّها وهم المسلمون وكانوا عند وفاة النبي عليه


(١) في م: "الأحكام"، خطأ.
(٢) في م: "بهذه"، والمثبت من خط المؤلف.
(٣) كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>