قال حبيب: وقلت لمالك: وقال سفيان في الحديث: إذا قعدت تبنّت، وإذا تكلمت تغنّت، قال مالك: صدق هو كذلك، قال أبو عمر: ما ذكره حبيب كاتب مالك عن سفيان أنه قال في الحديث يعني حديث هشام بن عروة أن مخنثاً يدعى هيتاً، فغير معروف عند أحد من رواته عن هشام لا ابن عيينة ولا غيره، ولم يقل في نسق الحديث إن مخنثاً يدعى هيتاً، وإنما ذكره عن ابن جريج بعد تمام الحديث، وكذلك قوله عن سفيان أنه يقول في الحديث: إذا قعدت تبنَّت، وإذا تكلمت تغنَّت، هذا ما لم يقله سفيان ولا غيره في حديث هشام بن عروة وهذا اللفظ لا يوجد إلا من رواية الواقدي ..
والواقدي ضعيف شديد الضعف.
والعجب أنه يحكيه عن سفيان، ويحكي عن مالك أنه كذلك، فصارت رواية عن مالك ولم يروه عن مالك غير حبيب ولا ذكره عن سفيان غيره أيضاً، والله أعلم.
وحبيب كاتب مالك متروك الحديث ضعيف عند جميعهم لا يكتب حديثه، ولا يلتفت إلى ما يجيء به ذكر الواقدي والكلبي أن هيتاً المخنث قال لعبد الله بن أمية المخزومي -وهو أخو أم سلمة لأبيها، وأمه عاتكة عمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له -وهو في بيت أخته أم سلمة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمع: إن فتح الله عليكم الطائف، فعليك ببادية بنت غيلان بن سلمة الثقفي، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، مع ثغر كالأقحوان، إن جلست تبنّت، وإن تكلمت تغنّت، بين رجليها كالإناء المكفوء، وهي كما قال قيس بن الخطيم:
تغترف الطرف وهي لاهية ... نما شف وجهها نزفُ
بين شكول النساء خلقتها ... قصد فلا جَبلة ولا قضفُ
تنام عن كبر شأنها فإذا ... قامت رويداً تكاد تنقصفُ
فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لقد غلغلت النظر إليها يا عدو الله)) ثم أجلاه عن المدينة إلى الحمى، قال: فلما افتتحت الطائف تزوجها عبد الرحمن بن عوف، فولدت له منه بريهة، في قول الكلبي، ولم يزل هيت بذلك المكان حتى قبض النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما ولي أبو بكر كلم فيه فأبى أن يرده، فلما ولي عمر كلم فيه فأبى، ثم كلم فيه عثمان بعد، وقيل: إنه قد كبر وضعف واحتاج، فأذن له أن يدخل كل جمعة، فيسأل ويرجع إلى مكانه ..