الأولى: هذه المخاطبة تدخل في باب الستر والصلاح، أي زوجوا من لا زوج له منكم، فإنه طريق التعفف، والخطاب للأولياء، وقيل: للأزواج، والصحيح الأول، إذ لو أراد الأزواج لقال: وانكحوا بغير همز، وكانت الألف للوصل، وفي هذا دليل على أن المرأة ليس لها أن تنكح نفسها بغير ولي، وهو قول أكثر العلماء ..
مما يدل على ضعف القول الثاني، وأن الخطاب للأزواج عطف الصالحين، فإذا تيسر للأزواج أن ينكحوا الأيامى، فكيف يتيسر لهم أن ينكحوا الصالحين من عبادهم؟ والله المستعان.
وقال أبو حنيفة: إذا زوجت الثيب أو البكر نفسها بغير ولي كفئاً لها جاز، وقد مضى هذا في البقرة مستوفى.
وصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((لا نكاح إلا بولي)) وعنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:((أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل)) فالصحيح قول جمهور أهل العلم أن الولي شرط لصحة النكاح، أما الحنفية فلا يرونه شرطاً، لكن لا بد أن يكون الزوج كفئاً، وعند المالكية الشريفة لا يزوجها إلا الولي، بخلاف غيرها، ولو كان قولهم بالعكس لكان أوجه، والله المستعان.
الثانية: اختلف العلماء في هذا الأمر على ثلاثة أقوال، فقال علماؤنا: يختلف الحكم في ذلك باختلاف حال المؤمن من خوف العنت، ومن عدم صبره، ومن قوته على الصبر، وزوال خشية العنت عنه، وإذا خاف الهلاك في الدين أو الدنيا أو فيهما، فالنكاح حتم، وإن لم يخش شيئاً، وكانت الحال مطلقة، فقال الشافعي: النكاح مباح، وقال مالك وأبو حنيفة: هو مستحب، تعلق الشافعي بأنه قضاء لذة، فكان مباحاً كالأكل والشرب، وتعلق علماؤنا بالحديث الصحيح:((من رغب عن سنتي فليس مني)).