الثانية: قرأ الجمهور {أيها} بفتح الهاء، وقرأ ابن عامر بضمها، ووجهه أن تجعل الهاء من نفس الكلمة، فيكون إعراب المنادى فيها، وضعف أبو علي ذلك جداً، وقال: آخر الاسم هو الياء الثانية من أي، فالمضموم ينبغي أن يكون آخر الاسم، ولو جاز ضم الهاء هاهنا لاقترانها بالكلمة ..
لأن الياء المشدد عبارة عن حرفين، فالياء عبارة عن ياءين، والإعراب إنما هو على الياء الثانية، وأما الأولى فساكنة.
لجاز ضم الميم في {اللهم} لاقترانها بالكلمة في كلام طويل، والصحيح أنه إذا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قراءة فليس إلا اعتقاد الصحة في اللغة، فإن القرآن هو الحجة وأنشد الفراء:
يا أيه القلب اللجوج النفس ... أفق عن البيض الحسان اللعس
اللعس: لون الشفة إذا كانت تضرب إلى السواد قليلاً، وذلك يستملح، يقال: شفة لعساء وفتية ونسوة لعس، وبعضهم يقف {أيه} وبعضهم يقف {أيها} بالألف؛ لأن علة حذفها في الوصل إنما هو سكونها، وسكون اللام، فإذا كان الوقف ذهبت العلة، فرجعت الألف كما ترجع الياء إذا وقفت على {محلي} من قوله تعالى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} [(١) سورة المائدة] وهذا الاختلاف الذي ذكرناه هو في {يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ} [(٤٩) سورة الزخرف] و {أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} [(٣١) سورة الرحمن].