الأولى: هذه الآية نزلت في القاذفين، قال سعيد بن جبير: كان سببها ما قيل في عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- وقيل: بل نزلت بسبب القذفة عاماً لا في تلك النازلة، وقال ابن المنذر: لم نجد في أخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خبراً يدل على تصريح القذف، وظاهر كتاب الله تعالى مستغنىً به دالاً على القذف الذي يوجب الحد، وأهل العلم على ذلك مجمعون ..
سواء نزلت الآية في قصة الإفك وقذف عائشة -رضي الله عنها– أو في قصة هلال بن أمية أو في غيرها من القصص، فالعبرة بعمومها لا بخصوص السبب.
الثانية: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ} يريد يسبون، واستعير له اسم الرمي لأنه إذاية بالقول، كما قال النابغة: وجرح اللسان كجرح اليد.
وقال آخر:
رماني بأمر كنت منه ووالدي ... بريئاً ومن أجل الطوي رماني
ويسمى قذفاً، ومنه الحديث: إن ابن أمية قذف امرأته بشريك بن السحماء: أي رماها.
والقذف والرمي بمعنىً واحد، والأصل فيه قذف رمي المحسوسات، فإذا أطلق في المعنويات، في المعاني، في النصوص الشرعية فهو حقيقة أيضاً، ولا يقال: إنه مجاز القذف والرمي، الرمى بالكلام أو بنحوه من المعنويات والمعاني فهذه حقيقة لأنها جاءت في معناها في النصوص الشرعية، فهي استعمال اللفظ في حقيقته، فيما وضع له.
الثالثة: ذكر الله تعالى في الآية النساء من حيث هن أهم، ورميهن بالفاحشة أشنع وأنكى للنفوس، وقذف الرجال داخل في حكم الآية بالمعنى ..