قوله تعالى:{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [(٦٥) سورة النمل]، وعن بعضهم: أخفى غيبه عن الخلق، ولم يطلع عليه أحد؛ لئلا يأمن أحد من عبيده مكره، وقيل: نزلت في المشركين حين سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم-:
لأن العبد إذا اطلع على الغيب وعرف ما في المستقبل، وما يعرض له، وما يحصل له فإنه يأمن من هذا، يحترز مما يعتريه {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} [(١٨٨) سورة الأعراف]، ومع الأسف أنه شاع بين الناس في السنوات الأخيرة لما انتشرت تجارة الأسهم، ادعاء الغيب من كثير ممن يزاول هذه المهنة، ومع الأسف من بعض من ينتسب إلى طلب العلم الشرعي، تجد الواحد منهم يتصل على الآخر فيقول: اشتري في الشركة الفلانية فإنها خلال أسبوع سوف تتضاعف أسهمها، تتضاعف أقيامها، وستذكر ما أقول لك، واشتري في كذا وبع في كذا؛ لأنها تخسر وتنزل، هذا ادعاء علم الغيب، الإخبار عما في الغد من علم الغيب.
ويؤكدون ذلك وأحياناً بالأيمان، وكل هذا داخلٌ في هذه الآية دخولاً أولياً، وانتشر هذا حتى حصل ما حصل من الكارثة التي صارت في سوق الأسهم، صاروا يعضون أنامل الندم حيث لا ينفعهم الندم، وتبرءوا ممن اغتروا بهم، وقال قائلهم: ليتني لم أتخذ فلاناً مستشاراً، كما يقول القائل:{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} [(٢٨) سورة الفرقان]، إذا بانت سوء العاقبة هذه النتيجة، وكل هذا من شؤم ادعاء علم الغيب مع ما يحتف بهذه الأسهم من شبهات، بل محرمات أحياناً.