يعني ما ذكر في الآية من المحارم حكمهم واحد، بما في ذلك النساء وما ملكت اليمين، ولم يستثنى من ذلك إلا الزوج بالأدلة الأخرى، فحكمهم واحد، إنما ينظرون إلى ما يظهر غالباً.
وقد تأول بعض الناس قوله:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} على الإماء دون العبيد، منهم سعيد بن المسيب، فكيف يحملون على العبيد، ثم يلحقون بالنساء؟ هذا بعيد جداً! قال ابن العربي: وقد قيل: إن التقدير: أو ما ملكت أيمانهن من غير أولي الإربة، أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال، حكاه المهدوي.
ما ملكت الأيمان بالوصف اللاحق، فيكون الوصف ساري لما قبله والذي قبله.
الحادية والعشرون: قوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} الآية .. أي لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت لتسمع صوت خلخالها، فإسماع صوت الزينة كإبداء الزينة وأشد ..
لأنه يترتب عليه من الفتنة ما يترتب على الإبداء.
والغرض التستر أسند الطبري عن المعتمر عن أبيه أنه قال: زعم حضرمي أن امرأة اتخذت برتين من فضة، واتخذت جزعاً، فجعلت في ساقها فمرت على القوم فضربت برجلها الأرض فوقع الخلخال على الجزع فصوت، فنزلت هذه الآية، وسماع هذه الزينة أشد تحريكاً للشهوة من إبدائها، قاله الزجاج.
الثانية والعشرون: من فعل ذلك منهن فرحاً بحليهن فهو مكروه، ومن فعل ذلك منهن تبرجاً وتعرضاً للرجال فهو حرام مذموم، وكذلك من ضرب بنعله من الرجال، إن فعل ذلك تعجباً حرم، فإن العجب كبيرة، وإن فعل ذلك تبرجاً لم يجز.
الثالثة والعشرون: قال مكي -رحمه الله تعالى-: ليس في كتاب الله تعالى آية أكثر ضمائر من هذه، جمعت خمسة وعشرين ضميراً للمؤمنات من مخفوض ومرفوع، قوله تعالى:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فيه مسألتان:
الأولى: قوله تعالى: {وَتُوبُوا} أمر، ولا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة ..
لأنه هو الأصل، الأصل في الأمر الوجوب.
وأنها فرض متعين، وقد مضى الكلام فيها في النساء، وغيرها فلا معنى لإعادة ذلك والمعنى: وتوبوا إلى الله، فإنكم لا تخلون من سهوٍ وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال.