للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ابتدأ المؤلف تفسير هذه الآية بالنور المثبت للبشر، وتصور أنه لا نور إلا هذا النور، فلما هجم على قلبه وعلى رأيه هذا الأمر، والله -جل وعلا- ليس كمثله شيء، ومنزه عن مشابهة المخلوقين، كما هو دأبهم وشأنهم في جميع الصفات، يهجم على قلوبهم ما يخص البشر منها، ثم يستصحبون تنزيه الله -جل وعلا- عن مشابهة المخلوقين، ليس كمثله شيء، ثم ينفون ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له رسوله -عليه الصلاة والسلام- ظناً منهم أنه مثل ما يليق بالبشر، ومثلما ما يعرفون، فشبهوا أولاً ثم عطلوا –هذه عادتهم– والله -جل وعلا- أثبت لنفسه أنه نور، وأثبت أنه له نفس {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [(١١٦) سورة المائدة] لكن هل هذه النفس هل هي مثل نفوس المخلوقين؟ أثبت له بصر، أثبت له سمع، هل يلزم من هذا الإثبات أن يكون سمعه وبصره مثل سمع المخلوقين وبصرهم؟ وكذلك النور، لا يلزم منه أن يكون مثل نور المخلوقين، وقوله هنا: أن هذا تناقض، هذا ليس بتناقض، هم يقولون أنهم يثبتون أنه نور لا كالأنوار، فإذا أثبتوا أنه نور لا بد أن يكون كالأنوار –على رأيه– فإذا أثبتوا أنه نور ثم نفوا أنه نور هذا تناقض، أثبتوا أن له جسم ثم نفوا أن له جسم، أثبتوا أن له جسم، له نور، كما جاء في هذه الآية وغيرها، ثم قالوا: لا كالأنوار فنفوا، لأنه لا يعرف من النور إلا الأنوار المشاهدة، ومن هنا دخل على هؤلاء المبتدعة الدخل، لا يتصورون مما جاء في النصوص مما يتعلق بالرب -جل وعلا- إلا ما يتصورون عن المخلوق، لا يتصورون إلا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>