ومن قال: الممثل به المؤمن، وهو قول أبي، فالمشكاة صدره، والمصباح الإيمان والعلم، والزجاجة قلبه، وزيتها هو الحجج والحكمة التي تضمنها، قال أبي: فهو على أحسن الحال يمشي في الناس كالرجل الحي يمشي في قبور الأموات، ومن قال: إن الممثل به هو القرآن والإيمان فتقدير الكلام: مثل نوره الذي هو الإيمان في صدر المؤمن في قلبه كمشكاة، أي كهذه الجملة، وهذا القول ليس في مقابلة التشبيه كالأولين؛ لأن المشكاة ليست تقابل الإيمان، وقالت طائفة: الضمير في {نُورِهِ} عائد على الله تعالى، وهذا قول ابن عباس فيما ذكر الثعلبي والماوردي والمهدوي، وقد تقدم معناه، ولا يوقف على هذا القول على {الْأَرْضِ} قال المهدوي: الهاء لله -عز وجل- والتقدير: الله هادي أهل السموات والأرض مثل هداه في قلوب المؤمنين كمشكاة، وروي ذلك عن ابن عباس، وكذلك قال زيد بن أسلم والحسن: إن الهاء لله -عز وجل-، وكان أبي وابن مسعود يقرءآنها مثل نوره في قلب المؤمن كمشكاة، قال محمد بن علي الترمذي:
الحكيم، صاحب نوادر الأصول.
فأما غيرهما فلم يقرءآها في التنزيل هكذا، وقد وافقهما في التأويل أن ذلك نوره في قلب المؤمن وتصديقه في آية أخرى، يقول:{أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ} [(٢٢) سورة الزمر] واعتل الأولون بأن قالوا: لا يجوز أن يكون الهاء لله -عز وجل-؛ لأن الله -عز وجل- لا حد لنوره، وأمال الكسائي فيما روى عنه أبو عمرو الدوري الألف من {مِشْكَاةٍ} وكسر الكاف التي قبلها.