المعول في القول الأول على حديث:((من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، وفي الثانية كأنما قرب بقرة)) يدل على أن البقرة غير البدنة، ومعول القول الثاني على أن البقرة تعدل ببدنة في الأضحية وفي غيرها من الأحكام تعدل فيها هذه عن سبع وهذه عن سبع، فهي بدنةٌ مثلها، وأيضاً بدنها وحجمها كبير مثل الإبل.
فهل تجزيه أم لا؟ فعلى مذهب الشافعي وعطاء لا تجزيه، وعلى مذهب مالك تجزيه، والصحيح ما ذهب إليه الشافعي وعطاء، لقوله -عليه السلام- في الحديث الصحيح في يوم الجمعة:((من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة)) الحديث. فتفريقه -عليه السلام- بين البقرة والبدنة يدل على أن البقرة لا يقال عليها بدنة، والله أعلم، وأيضاً قوله تعالى:{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [(٣٦) سورة الحج] يدل على ذلك .. .
يعني سقطت؛ لأن الإبل تنحر قائمة، فإذا نحرت سقطت على الأرض، وجبت يعني سقطت، وليس كذلك البقر والغنم، إنما تذبح ذبح تمد على جنبها بخلاف الإبل.
وأيضاً قوله تعالى:{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} يدل على ذلك، فإن الوصف خاصٌ بالإبل والبقر يضجع ويذبح كالغنم على ما يأتي، ودليلنا أن البدنة مأخوذةٌ من البدانة وهو الضخامة، والضخامة توجد فيهما جميعاً، وأيضاً فإن البقرة في التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدم بمنزلة الإبل، حتى تجوز البقرة في الضحايا عن سبعة كالإبل وهذا حجة لأبي حنيفة حيث وافقه الشافعي على ذلك، وليس ذلك في مذهبنا.
أبي حنيفة يوافقه الشافعي على أن البقرة عن سبعة كالإبل، يقول: وليس ذلك في مذهبنا، مذهبه مالكي، النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزوة حنين عدل الإبل بعشرٍ من الغنم، ومعلوم أن البقرة لا تجزئ إلا عن سبع، وهذا فرقٌ بينهم، والصحيح أنه في باب الأضحية وفي باب الهدي تعدل بسبع، يعني تعادل سبعة، وأما في باب الجهاد فبدنة أكثر من سبعة؛ لأن الحاجة إليها أكبر وفائدتها فيه أعظم، فكونها تعدل بعشرة ما هو ببعيد، ليس ببعيد لا سيما في هذا الباب، ولا يطرد هذا.
وحكى ابن شجرة أنه يقال في الغنم: بدنة، وهو قول شاذ، والبدن هي الإبل التي تهدى ...