يقال من ذلك: تناهد القوم الشيء بينهم، قال الهروي: وفي حديث الحسن: أخرجوا نِهدكم فإنه أعظم للبركة وأحسن لأخلاقكم. والنِّهد: ما تخرجه الرفقة عند المناهدة: وهو استقسام النفقة بالسوية في السفر وغيره، والعرب تقول: هات نِهدك بكسر النون، قال المهلب: وطعام النهد لم يوضع للآكلين على أنهم يأكلون بالسواء، وإنما يأكل كل واحد على قدر نهمته، وقد يأكل الرجل أكثر من غيره، وقد قيل: إن تركها أشبه بالورع، وإن كانت الرفقة تجتمع كل يومٍ على طعام أحدهم، فهو أحسن من النِّهد؛ لأنهم لا يتناهدون إلا ليصيب كل واحد منهم من ماله، ثم لا يدري لعلَّ أحدهم يقصر عن ماله ويأكل غيره أكثر من ماله، وإذا كانوا يوماً عند هذا ويوماً عند هذا بلا شرط فإنما يكونون أضيافاً، والضيف يأكل بطيب نفس مما يقدم إليه.
يعني هذا مثل الدوريات التي تكون بين الأقارب وبين الأصدقاء وبين المعارف، يعني واحد يتكلف، وواحد يقتصد، وواحد يزيد وواحد ينقص، وواحد يقدم أكثر من الثاني، لا شك أن هذا إنما فعله بطيب نفسٍ منه، لكن ليجتنب الإسراف.
وقال أيوب السختياني:
بفتح السين، السَّختياني، أيوب بن أبي تميمة السّختياني.
وقال أيوب السَّختياني: إنما كان النهد أن القوم كانوا يكونون في السفر، فيسبق بعضهم إلى المنزل، فيذبح ويهيئ الطعام ثم يأتيهم، ثم يسبق أيضاً إلى المنزل فيفعل مثل ذلك.
نعم، ليقدم الخدمة لإخوانه، بينما بعض الناس يسبق إلى المنزل ليختار المنزل المناسب الأفضل قبل غيره، والله المستعان.
فقالوا: إن هذا الذي تصنع كلنا نحب أن نصنع مثله، فتعالوا نجعل بيننا شيئاً لا يتفضل بعضنا على بعض فوضعوا النهد بينهم، وكان الصلحاء إذا تناهدوا تحرى أفضلهم أن يزيد على ما يخرجه أصحابه، وإن لم يرضوا بذلك منه إذا علموه فعله سراً دونهم.