للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن العربي: والذي أختاره إذا كان البيت فارغاً ألا يلزمه السلام، فإنه إن كان المقصود الملائكة، فالملائكة لا تفارق العبد بحال، أما إنه إذا دخلت بيتك يستحب لك ذكر الله بأن تقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وقد تقدم في سورة (الكهف)، وقال القشيري في قوله: {إذا دَخَلْتُم بُيُوتًا} والأوجه أن يقال: إن هذا عام في دخول كل بيت، فإن كان فيه ساكن مسلم يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإن لم يكن فيه ساكن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وإن كان في البيت من ليس بمسلم قال: السلام على من اتبع الهدى، أو السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

وهذه التحية تحية غير المسلمين، السلام على من اتبع الهدى، كما كتب النبي -عليه الصلاة والسلام- لهرقل في كتابه المشهور: من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم: السلام على من اتبع الهدى.

وذكر ابن خويزمنداد قال: كتب إلي أبو العباس الأصم قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثنا جعفر بن ميسرة عن زيد بن أسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أهلها واذكروا اسم الله، فإن أحدكم إذا سلم حين يدخل بيته وذكر اسم الله تعالى على طعامه يقول الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم هاهنا ولا عشاء، وإذا لم يسلم أحدكم إذا دخل ولم يذكر اسم الله على طعامه قال الشيطان لأصحابه: أدركتم المبيت والعشاء)) قلت: هذا الحديث ثبت معناه مرفوعاً من حديث جابر خرجه مسلم، وفي كتاب أبي داود عن أبي مالك الأشجعي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير الولوج وخير الخروج، باسم الله ولجنا، وباسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلم على أهله)).

الحادية عشرة: قوله تعالى: {تَحِيَّةً} مصدر؛ لأنه قوله: {فَسَلِّمُوا} معناه: فحيوا، وصفها بالبركة؛ لأن فيها الدعاء واستجلاب مودة المسلم، ووصفها أيضاً بالطيب لأن سامعها يستطيبها، والكاف من قوله {كَذَلِكَ} كاف تشبيه، و {ذَلِكَ} إشارة إلى هذه السنن: أي كما بين لكم سنة دينكم في هذه الأشياء يبين لكم سائر ما بكم حاجة إليه في دينكم.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.

<<  <  ج: ص:  >  >>