للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} أي هلاكاً، قاله الضحاك وقال ابن عباس: ويلاً، وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((أول من يقوله إبليس، وذلك أنه أول من يكسى حلة من النار، فتوضع على حاجبيه ويسحبها من خلفه، وذريته من خلفه، وهو يقول: واثبوراه)) وانتصب على المصدر: أي ثبرنا ثبوراً، قاله الزجاج، وقال غيره: هو مفعول به، قوله تعالى: {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [(١٤) سورة الفرقان] فإن هلاككم أكثر من أن تدعوا مرة واحدة، وقال: ثبوراً لأنه مصدر يقع للقليل والكثير، فلذلك لم يجمع، وهو كقولك: ضربته ضرباً كثيراً، وقعد قعوداً طويلاً، ونزلت الآيات في ابن خطل وأصحابه.

قوله تعالى: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [(١٥) سورة الفرقان].

يعني لفظ الثبور الواحد مثل لفظ الثبور الكثير، ثبور واحد، يعني لفظه واحد، سواءً كان واحداً أو كثيراً؛ لأنه مصدر يقع على القليل والكثير.

إن قيل: كيف قال: {أَذَلِكَ خَيْرٌ} ولا خير في النار؟ فالجواب أن سيبويه حكى عن العرب: الشقاء أحب إليك أم السعادة؟ وقد علم أن السعادة أحب إليه، وقيل: ليس هو من باب أفعل منك، وإنما هو كقولك: عنده خير ..

يعني ليس من باب أفعل التفضيل؛ لأن النار لا خير فيها، فأفعل هنا خير، أصلها أخير، لكن هنا ليست على بابها؛ لأن النار لا خير فيها ولا مقارنة بينها وبين الجنة بوجهٍ من الوجوه، والأصل في أفعل التفضيل أنه يكون بين شيئين يشتركان في وصف يفوق أحدهما الآخر في هذا الوصف.

<<  <  ج: ص:  >  >>