للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادسة: قال ابن العربي: أما أكل الطعام فضرورة الخلق لا عار ولا درك فيه، وأما الأسواق فسمعت مشيخة أهل العلم يقولون: لا يدخل إلا سوق الكتب والسلاح، وعندي أنه يدخل كل سوق للحاجة إليه ولا يأكل فيها؛ لأن ذلك إسقاط للمروءة وهدم للحشمة، ومن الأحاديث الموضوعة: ((الأكل في السوق دناءة)).

قال بعضهم لا يدخل السوق إلا سوق الكتب والسلاح، يعني ما يدخل إلا سوق الكتب ليشتري من الكتب ما يفيد منه لا سيما إذا كان ممن ينتسب إلى طلب العلم، وكذلك السلاح الذي يحتاجه لقتال عدوه، وهناك أيضاً أمور يحتاج إليها أكثر من حاجته إلى الكتب والسلاح، كالطعام والشراب واللباس وغير ذلك، فيدخل من الأسواق ما يحتاج إليه، فخلاف ما لا يحتاج إليه إلا بنيّة الإنكار، إذا دخل هذه الأسواق بنية الإنكار فهو مأجور على هذا -إن شاء الله تعالى-.

قلت: ما ذكرته مشيخة أهل العلم فنعمَّا هو، فإن ذلك خال عن النظر إلى النسوان ومخالطتهن، إذ ليس بذلك من حاجتهن.

لكن الآن صار من حاجتهن، المكتبات الآن تعجّ بالنساء، مملوءة بالنساء، ووضع لهن أيام يدخلن المكتبات، بل وضع للأسر والعوائل وجلّ النساء لسن من أهل الكتب، ويكفيهن من ذلك البلغة، لكن كثير منها تتذرع بالخروج إلى المكتبة، وهي تذهب للتمشية والفرجة –والله المستعان-.

إذ ليس بذلك من حاجتهن وأما غيرهما من الأسواق فمشحونة منهن، وقلة الحياة قد غلبت عليهن، حتى ترى المرأة في القيساريات وغيرهن قاعدةً متبرجةً بزينتها، وهذا من المنكر الفاشي في زماننا هذا -نعوذ بالله من سخطه-.

هذا منذ أكثر من سبعمائة عام، وإلى عهدٍ قريب وخروج النساء يسير وقليل جداً بالنسبة إلى ما يوجد اليوم امتثالاً لقول الله -جل وعلا-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(٣٣) سورة الأحزاب] ومع ذلك إذا خرجت المرأة سواء كانت في العهد القريب الذي أدركناه أو كان على عهد المؤلف لا شك أن هذه الملابس التي تفتن الرائي غير موجودة عندهم؛ لأن اللباس يتطور ما هو ... يعني لا تتصور أن لباساً قبل سبعمائة سنة مثل لباس اليوم؟ حتى ولو مثل لباس قبل أربعين وخمسين سنة الذي يوجد في بلادنا وفي غيرها من البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>