مقتضى أفعل التفضيل أن يكون الأمران قد اشتركا في وصفٍ واحد، وفاق أحدهما الآخر في ذلك الوصف، فإذا قلت: النصراني خير من اليهودي أثبت الخير للطرفين، لكن النصراني نصيبه من هذا الخير أكثر من نصيب اليهودي، فهذا التعبير ليس بصحيح، أما إذا قلت: اليهودي شر من النصراني فهذا تعبير صحيح؛ لأنك أثبت الوصف للفريقين، وأثبت أن اليهودي أدخل في هذا الوصف وأعظم شراً، وهنا {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(٢٤) سورة الفرقان] ليست على بابها، فأفعل التفضيل ليست على بابها، أهل الجنة بخير وأهل النار ليس لديهم خير بالكلية، فأفعل التفضيل ليست على بابها –والله المستعان-.
و {مُّسْتَقَرًّا} نصب على الظرف إذا قدر على غير باب (أفعل منك) والمعنى: لهم خير في مستقر، وإذا كان من باب (أفعل منك) فانتصابه على البيان، قاله النحاس والمهدوي، قال قتادة:{وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} منزلاً ومأوى، وقيل: هو على ما تعرفه العرب من مقيل نصف النهار، ومنه الحديث المرفوع:((إن الله -تبارك وتعالى- يفرغ من حساب الخلق في مقدار نصف يوم، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار)) ذكره المهدوي.
يعني مقدار صف يوم من أيام الآخرة، مقداره نصف يوم من أيام الآخرة، ومنتصف اليوم هو القيلولة –وقت القيلولة- فإذا فرغ من حساب الخلائق في النصف مقدار خمسمائة سنة يقيل كل في مكانه من أهل الجنة في أماكنهم، وأما أهل النار فلا مقيل لهم –نسأل الله السلامة والعافية-.
طالب: القيلولة بعد الظهر أو قبل؟
الأصل أنها قبل الظهر، يعني بعد الفراغ من الأعمال، إذا بقي على الظهر مقدار ساعة يقيل الإنسان، هذا الأصل، لكن ما دام الناس ارتبطوا بأعمالٍ رتبت أوقاتهم، ووقت القيلولة في صلب الدوام فللإنسان أن يقيل إذا خرج من دوامه يرتاح من عناء التعب ومن عمله فلا مانع من ذلك، والمسألة مسألة عرفية، ووقت نومهم قبل الظهر.