لأنه يتخلى عنه أحوج ما يكون إليه إذا ورطه تخلى عنه، إذا ورطه في معصية وفي جريمة تخلى عنه، حتى يصل إلى حد أن يأمره بالسجود لغير الله -جل وعلا- فيسجد ثم بعد ذلك يتخلى عنه، أحوج ما يكون إليه –نسأل الله السلامة والعافية-.
وأما المشورة التي يعقبها الندم كما يقال:{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} [(٢٨) سورة الفرقان] فهذا جاري حتى في أمور الدنيا إذا أشار إليك شخص على أن تقتني كذا أو تشتري كذا أو تذهب إلى كذا ثم وجدت أن هذا ليس من مصلحتك تقول: ليتني والله ما أطعت فلان، وكم من شخصٍ قال حينما نزلت الأسهم حينما مدحت له هذه الشركة أو تلك وقيل: أن الأرباح مضاعفة ومدة أسبوع وأنت كذا وبعد شهر تكون أرباحك مائة بالمائة، هذا سمع حتى من بعض من تظهر عليهم علامات الصلاح، الشركة الفلانية مضمونة، كيف مضمونة والمسألة غيب؟! ثم بعد ذلك قرعوا سن الندم، وقالوا: ليتنا ما أطعنا فلان، وليتنا ما صدقنا فلان، فكل مشورةٍ يعقبها الندامة هذه نتيجتها، والله المستعان.
ولقد أحسن من قال:
تجنب قرين السوء واصرم حباله ... فإن لم تجد عنه محيصاً فداره
وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه ... تنل منه صفو الود ما لم تماره
وفي الشيب ما ينهى الحليم عن الصبا ... إذا اشتعلت نيرانه في عذاره
اشتعلت نيرانه يعني شيبه، إذا لاح شيبه نهاه عن ما يفعله الصبيان، وبعض الناس يستمر ولو لاح شيبه، يستمر ويزاول ما يزاوله الصبيان، من ألفاظ الجرح عند أهل العلم، من ألفاظ الجرح عند أهل الحديث: شيخ يتصابى، لا شك أن هذا ليس بمقبول من كبير السن أن يفعل ما يفعله الصبيان، ويقلد الصبيان في مشيته في أكله في طريقته، في هديه، هذا قبيح جداً بالشيخ أن يفعل هذا، نعم قد يوجد من الصبيان من يقلد الشيوخ؛ لأن هذا ترقي أما ذاك نزول، فلا يقبل من المكلف أن يحصل له مثل هذا.
وقال آخر:
اصحب خيار الناس حيث لقيتهم ... خير الصحابة من يكون عفيفا
والناس مثل دراهم ميَّزتها ... فوجدت منها فضةً وزيوفا