قلت: والليل عظيم قدره، أمر نبيه -عليه الصلاة والسلام- بقيامه فقال:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ} [(٧٩) سورة الإسراء] وقال: {قُمِ اللَّيْلَ} [(٢) سورة المزمل] على ما يأتي بيانه، ومدح المؤمنين على قيامه فقال:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [(١٦) سورة السجدة] وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل)) وفيه ساعة يستجاب فيها الدعاء، وفيه ينزل الرب تبارك وتعالى، حسبما يأتي بيانه -إن شاء الله تعالى-.
الرابعة: قرأ حمزة وحده: (يذكر) بسكون الذال وضم الكاف وهي قراءة ابن وثاب وطلحة والنخعي وفي مصحف أبي: (يتذكر) بزيادة تاء، وقرأ الباقون:{يذكر} بتشديد الكاف ويذكر ويذَّكر بمعنى واحد، وقيل: معنا {يذكر} بالتخفيف: أي يذكر ما نسيه في أحد الوقتين في الوقت الثاني، أو ليذكر تنزيه الله وتسبيحه فيها.
{أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} يقال: شكر يشكر شكراً وشكوراً مثل كفر يكفر كفراً وكفوراً، وهذا الشكور على أنهما جعلهما قواماً لمعاشهم وكأنهم لمَّا قالوا:{وَمَا الرَّحْمَنُ} قالوا: هو الذي يقدر على هذه الأشياء.
قوله تعالى:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [(٦٣) سورة الفرقان] لما ذكر جهالات المشركين وطعنهم في القرآن والنبوة ذكر عباده المؤمنين أيضاً، وذكر صفاتهم وأضافهم إلى عبوديته تشريفاً لهم، كما قال:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [(١) سورة الإسراء] وقد تقدم.