للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني هذا في النفقات في سبيل الله، بعض الناس ينفق الأموال الطائلة في وجوه الخير، ومع ذلك يترك أولاده يتكففون الناس، أو يشق على نفسه بالمسألة فعلى قدر صبره وجلده وتحمله للعمل، ولا يعرض نفسه للإهانة وسؤال الناس ولا يضيع من يمون، فإذا اجتمعت له هذه الأمور فلينفق ما شاء، أما إذا امتهن نفسه، بذل نفسه، وأذلها بسؤال الناس أو ترك من خلفه أو من كلفه الله القيام بأعبائهم وحقوقهم مثل هذا عليه أن يسدد ويقارب، ولا ينفق شيئاً يضرّ به وبهم.

ولهذا ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق أن يتصدق بجميع ماله؛ لأن ذلك وسط بنسبة جلده وصبره في الدين، ومنع غيره من ذلك، ونعم ما قال إبراهيم النخعي: هو الذي لا يجيع ولا يعرى، ولا ينفق نفقة يقول الناس: قد أسرف، وقال يزيد بن أبي حبيب: هم الذين لا يلبسون الثياب لجمال ولا يأكلون الطعام للذة، وقال يزيد أيضاً في هذه الآية: أولئك أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- كانوا لا يأكلون طعاماً للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثياباً للجمال، ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع، ويقويهم على عبادة ربهم، ومن اللباس ما يستر عوراتهم ويكنِّهم من الحر والبرد.

وقال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز حين زوجه ابنته فاطمة: ما نفقتك؟ فقال له عمر: الحسنة بين سيئتين، ثم تلا هذه الآية، وقال عمر بن الخطاب: كفى بالمرء سرفاً ألا يشتهي شيئاً إلا اشتراه فأكله.

وفي سنن ابن ماجه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت)).

مخرج؟

طالب: قال: ضعيف جداً أخرجه ابن ماجة والديلمي وابن الجوزي في الموضوعات من حديث أنس ومداره على نوح بن ذكوان، وهو ضعيف، وبه أعله البصيري في زوائد ابن ماجة وحكم بضعفه، وابن الجوزي حكم بضعفه، وقال الألباني -رحمه الله-: موضوع.

وقال أبو عبيدة: لم يزيدوا علي المعروف ولم يبخلوا، كقوله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [(٢٩) سورة الإسراء] وقال الشاعر:

ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميمُ

وقال آخر:

<<  <  ج: ص:  >  >>