للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وأصل هذا الوصف في الخيل" هل مادة صف التي منها ما عندنا هي نفسها مادة صفن بالنون؟ الخيل صوافن، والإبل صواف؛ لأنه يقول: "وأصل هذا الوصف في الخيل" الخيل صوافن {الصَّافِنَاتُ} [(٣١) سورة ص] وهنا {صَوَافَّ} ولا شك أن الصف غير الصفن، الإبل لا يقال لها: صوافن؛ لأنها لا تقف على هذه الكيفية، تقف على ثلاثة أقدام ثلاثة أرجل وترفع الرابعة إلى سنبك حافرها.

المقصود أنه لا يظهر قوله: "وأصل هذا الوصف في الخيل" فالإبل تصف وكل شيء يصف، وأيضاً الملائكة، والمصلون يصفون، والطير يصف {صَافَّاتٍ} [(١٩) سورة الملك] فالصف غير الصفن.

يقال: صفن الفرس فهو صافن إذا قام على ثلاث قوائم وثنى سنبك الرابعة، والسنبك طرف الحافر.

بعض الناس بل الكثير –يشاهد- يصفن في صلاته وهو صاف، صاف صافن في صلاته أيش معنى هذا؟ أنه يقف على رجل والثانية يرفعها، ولا يمس منها الأرض إلا الأصابع هذا هو الصفن بعينه، وهذا تشبه بالحيوان والتشبه بالحيوان مذموم لا سيما في الصلاة.

والبعير إذا أرادوا نحره تعقل إحدى يديه فيقوم على ثلاث قوائم، وقرأ الحسن والأعرج ومجاهد وزيد بن أسلم وأبو موسى الأشعري (صوافي) أي خوالص لله -عز وجل- لا يشركون به في التسمية على نحرها أحداً، وعن الحسن أيضاً: (صوافٍ) بكسر الفاء وتنوينها مخففة، وهي بمعنى التي قبلها، لكن حذفت الياء تخفيفاً على غير قياس، و {صَوَافَّ} قراءة الجمهور بفتح الفاء وشدها من صف يصف، وواحد (صواف) صافة، وواحد صوافي صافية، وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبو جعفر محمد بن علي (صوافن) بالنون جمع صافنة، ولا يكون واحدها صافن؛ لأن فاعلاً لا يجمع على فواعل إلا في حروف مختصة لا يقاس عليها، وهي فارس وفوارس وهالك وهوالك وخالف وخوالف، والصافنة هي التي قد رفعت إحدى يديها بالعقل لئلا تضطرب، ومنه قوله تعالى: {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} [(٣١) سورة ص] وقال عمرو بن كلثوم:

تركنا الخيل عاكفة عليه ... مقلدة أعنتها صفونا

ويروى:

تظل جياده نوحاً عليه ... مقلدة أعنتها صفونا

وقال آخر:

ألف الصفون فما يزال كأنه ... مما يقوم على الثلاث كسيرا

<<  <  ج: ص:  >  >>