وقرأ حمزة: {وما أنت تهدي العمي عن ضلالتهم}، كقوله {أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ} [(٤٣) سورة يونس]، الباقون: {بهادي العمي} وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وفي "الروم" مثله.
وكلهم وقف على {بهادي} بالياء في هذه السورة، وبغير ياء في "الروم" إتباعاً للمصحف.
وقوفاً مع الرسم، لا يُتعدى.
إلا يعقوب فإنه وقف فيهما جميعاً بالياء، وأجاز الفراء وأبو حاتم: {وما أنت بهادٍ العمي} وهي الأصل، وفي حرف عبد الله {وما أن تهدي العمي} {إن تسمع} أي ما تسمع {إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} قال ابن عباس: أي إلا من خلقته للسعادة فهم مخلصون في التوحيد.
القراءة التي أجازها أو الوجه الذي أجازه الفراء وأبو حاتم بالقطع عن الإضافة {ما أنت بهادٍ العمي} ويجوز الإضافة هنا، ويجوز القطع يجوز الوجهان {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا} [(٤٥) سورة النازعات]، يجوز أيضاً: {منذرٌ من يخشاها}، إلا أنه من حيث المعنى هناك فرق لطيف يلحظ في ترجيح أحد الوجهين.
إذا قلت، أو إذا قال: زيد من الناس أنا قاتلٌ عمرواً أو قال: أنا قاتلُ عمروٍ، الفرق بينهما أنه إذا قال: أنا قاتلٌ عمرواً، يهدد، يهدده بالقتل. أما إذا قال: أنا قاتلُ عمروٍ، فإنه يقرُّ بذلك عن نفسه، وأن القتل قد حصل في المضي، وأما بالنسبة للتهديد فسوف يحصل بالمستقبل.
والكلام على الدابة طويل جداً.
نقف على هذا، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا يسأل عن بعض التفاسير، وبعض الكلام لبعض المخالفين وهنا يقول: كأنه سؤال موجه إلى من تقدم لعالم .... يقول:
ماذا يقول شيخنا الإمام ... في مسلمٍ ذنوبه ضخام
ضاقت عليه نفسه فقررَ ... عذلاً لها بهمةٍ عن الورى
مع ما يرى في أمة الإسلام ... من ضعفها وكثرة الأسقام
هذا يسأل عن العزلة، متى تترجح؟ والخلطة متى تكون راجحة؟ أو متى تتعين العزلة، أو متى تتعين الخلطة؟
على كل حال إذا كان الإنسان بمنزلة بحيث يؤثر ولا يتأثر فهذا يتعين عليه الخلطة، ولا تجوز له العزلة، وإذا كان بالعكس يتأثر بأعمال الناس وأفعالهم وشرورهم ومنكراتهم ولا يستطيع التأثير فيهم، فإن مثل هذا تتعين عليه العزلة، وإذا كان الأمر سجالاً يؤثر ويتأثر فينظر إلى الغالب، ينظر إلى الغالب فيحكم به.
والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.