فالذي يظهر أنها أكرم على الله من أن تكون بهذه المثابة، وقد انتدبها الله –جل وعلا- للتمييز بين خلقه، بين المؤمن وبين الكافر فضلاً عن أن تكون إنسان، والله -جل وعلا- ورسوله سماها دابة، فالإنسان أشرف من أن يقال له دابة، وإن كان ممن يدب على الأرض، لكن الإنسان إنسان، حتى قال بعض أهل العلم: إنه إنسان وتمييزه بين المسلم والكافر ببيان الحق وتزييف الباطل، ونصر المحقين رد على المبطلين، قال بعض أهل العلم: أن هذه هي الدابة، لكن هذا ليس بصحيح.
قلت: ولهذا -والله أعلم-، قال بعض المتأخرين من المفسرين: إن الأقرب أن تكون هذه الدابة إنساناً متكلماً، يناظر أهل البدع والكفر، ويجادلهم؛ لينقطعوا فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينه، قال شيخنا الإمام أبو العباس: أحمد بن عمر القرطبي في كتاب المفهم له، وإنما كان عند هذا القائل الأقرب لقوله تعالى:{تُكَلِّمُهُمْ} [(٨٢) سورة النمل]، وعلى هذا فلا يكون في هذه الدابة آيةً خاصة، خارقة للعادة. وهذا الإنسان الذي يناظر أهل البدع ويرد عليهم موجود في كل عصر، في كل مصر، يعني لو بهذا الوصف مثلاً يقال: شيخ الإسلام ابن تيمية هو الدابة، يصح هذا الكلام، هل يقول مثل هذا عاقل مثلاً؟ أو شخص مثله يأتي في آخر الزمان؟ هذا لا يمكن أن يقبله عاقل.
ولا يكون من العشر الآيات المذكورة في الحديث؛ لأن وجود المناظرين والمحتجين على أهل البدع كثير، فلا آية خاصةً بها، فلا ينبغي أن تذكر مع العشر، وترتفع خصوصية وجودها إذا وقع القول، ثم فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر.
ثم بوجود هذا الإنسان يغلق باب التوبة، على حد زعم هؤلاء، يمكن أن يغلق باب التوبة بوجود إنسان ليس بنبي ولا .. إنما هو شخص عالم يناظر أهل البدع ويرد عليهم تنقطع به التوبة، ويغلق باب التوبة، لا يمكن هذا أبداً.