قوله تعالى:{اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} [(٣٢) سورة القصص] .. الآية، تقدم القول فيه {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [(٣٢) سورة القصص]، من: متعلقة بولى، أي ولى مدبراً من الرهب، وقرأ حفص والسلمي وعيسى بن عمر، وابن أبي إسحاق {مِنَ الرَّهْبِ}: بفتح الراء وإسكان الهاء، وقرأ ابن عامر والكوفيون إلا حفص بضم الراء وجزم الهاء والباقون بفتح الراء والهاء واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله تعالى:{وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [(٩٠) سورة الأنبياء]، وكلها لغات وهو بمعنى الخوف، والمعنى إذا هالك أمر يدك وشعاعها فأدخلها في جيبك وارددها إليه تعد كما كانت، وقيل: أمره الله أن يضم يده إلى صدره فيذهب عنه خوف الحية، عن مجاهد وغيره ورواه الضحاك عن ابن عباس، قال: فقال ابن عباس: ليس من أحد يدخله رعب بعد موسى عليه السلام، ثم يدخل يده فيضعها على صدره إلا ذهب عنه الرعب.
لكن الآية في الجيب، وليست في الصدر، وقد يكون الجيب في الصدر، الجيب في الصدر، سواء كان بارزاً مثل هذا، وقد يكون خفياً مثل الجيوب التي كانت موجودة ثم عطلت، يعني كثير من الناس كانت جيوبهم من الداخل هكذا، يحفظون بها ما يشاؤون مما خف هنا، الجيب هنا، فإذا أدخل يده في جيبه من لازم ذلك أن يضمها إلى صدره.
ويحكى عن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، أن كاتباً كان يكتب بين يديه فانفلتت منه فلتة ريح، فخجل وانكسر فقام وبرز بقلمه الأرض، فقال له عمر: خذ قلمك واضمم إليك جناحك وليفرخ روعك، فإني ما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي.