الثاني: ما رواه أبو داود والترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن مرثد بن أبي مرثد كان يحمل الأسارى بمكة، وكان بمكة بغي يقال لها: عناق، وكانت صديقته، قال: فجئت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، أنكح عناق؟ قال: فسكت عني، فنزلت {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [(٣) سورة النور] فدعاني فقرأها علي، وقال:((لا تنكحها)) لفظ أبي داود، وحديث الترمذي أكمل.
قال الخطابي: هذا خاص بهذه المرأة إذ كانت كافرة فأما الزانية المسلمة فإن العقد عليها لا يفسخ.
العقد عليها صحيح شريطة أن تتوب من زناها.
الثالث: أنها مخصوصة في رجل من المسلمين أيضاً، استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نكاح امرأة يقال لها: أم مهزول، وكانت من بغايا الزانيات وشرطت أن تنفق عليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية قاله: عمرو بن العاص ومجاهد.
الرابع: أنها نزلت في أهل الصفة، وكانوا قوماً من المهاجرين، ولم يكن لهم في المدينة مساكن ولا عشائر فنزلوا صفة المسجد، وكانوا أربعمائة رجل يلتمسون الرزق بالنهار، ويأوون إلى الصفة بالليل، وكان بالمدينة بغايا متعالنات بالفجور مخاصيب بالكسوة والطعام ..
لأنهم فقراء وهنّ موسرات؛ بسبب ما يكتسبن، نسأل الله العافية.
فَهَمَّ أهل الصفة أن يتزوجوهن، فيأووا إلى مساكنهن، ويأكلوا من طعامهن وكسوتهن، فنزلت هذه الآية، صيانةً لهم عن ذلك، قاله ابن أبي صالح.
الخامس: ذكره الزجاج وغيره عن الحسن، وذلك أنه قال: المراد الزاني المحدود والزانية المحدودة، قال: وهذا حكم من الله، فلا يجوز لزانٍ محدود أن يتزوج إلا محدودة، وقال إبراهيم النخعي نحوه، وفي مصنف أبي داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ينكح الزاني المحدود إلا مثله)) وروي أن محدوداً تزوج غير محدودة، ففرَّق علي -رضي الله عنه- بينهما.
قال ابن العربي، وهذا معنىً لا يصح، نظراً كما لم يثبت نقلاً.
لأن الحد كفارة، الحد كفارة لما وقع، فهو بمثابة التوبة.