وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور: ليس بقذف، لأنه ليس بزنىً إذ لا حد عليها ويعزر قال ابن العربي: والمسألة محتملة مشكلة لكن مالك طلب حماية عرض المقذوف وغيره راعى حماية ظهر القاذف وحماية عرض المقذوف أولى ..
لأنه مظلوم، فحماية عرضه أولى، والتعزير متجه.
لأن القاذف كشف ستره بطرف لسانه فلزمه الحد، قال ابن المنذر: وقال أحمد في الجارية بنت تسع: يجلد قاذفها، وكذلك الصبي ..
لأنها امرأة على ما قالت عائشة -رضي الله عنها-: إذا بلغت البنت تسعاً فهي امرأة.
وكذلك الصبي إذا بلغ عشراً ضرب قاذفه ..
لأن مثله يطأ.
قال إسحاق: إذا قذف غلاماً يطأ مثله فعليه الحد، والجارية إذا جاوزت تسعاً مثل ذلك، قال ابن المنذر: لا يحد من قذف من لم يبلغ لأن ذلك كذب، ويعزر على الأذى ..
لكن وقوع الفاحشة من مثل هؤلاء متصورة، وليس بكذب لأنه يتكلم عن واقع وصدق، وقد يصدق في كلامه أنه زنى أو لاط أو ليط به، المقصود أنه يحكي واقعه، فعلى هذا إذا أمكن تصديقه حدّ القذف، إذا لم يمكن تصديقه بأن قال: هذا ابن ثلاث سنين أو أربع سنين وجدته وقع على أخته، أو على بنت فلان أو ما أشبه ذلك، هذا خبر لا يمكن تصديقه، لأن مثل هذا لا يقع، وحينئذٍ لا يحدّ.
قال أبو عبيد في حديث علي -رضي الله عنه- أن امرأة جاءته فذكرت أن زوجها يأتي جاريتها فقال: إن كنت صادقةً رجمناه، وإن كنت كاذبةً جلدناك فقالت: ردوني إلى أهلي غيرى نغرة. قال أبو عبيد: في هذا الحديث من الفقه أن على الرجل إذا واقع جارية امرأته الحدّ. وفيه أيضاً إذا قذفه بذلك قاذف كان على قاذفه الحد ألا تسمع قوله: وإن كنت كاذبةً جلدناك ووجه هذا كله إذا لم يكن الفاعل جاهلاً بما يأتي وبما يقول فإن كان جاهلاً، وادعى شبهة درئ عنه الحد في ذلك كله.
نعم، لأن الحدود تدرئ بالشبهات، لكن حقوق العباد مبنية على المشاحة، فإذا درئ الحد بالنسبة للزنا وما يشبهه فلأن يحتاج لأعراض المسلمين من باب أولى، فمثل حد القذف بقدر ما يحتاط للقاذف في درئ الحد بالشبهة يحتاج أيضاً لعرض المقذوف فيحتاط للطرفين.