لا على الشهود لأنهم جاؤوا بما طلب منهم، ووفوا بما طلب منهم، ولا حد على المشهود باعتبار أن هؤلاء الشهود لم يعدوا، والشهادة لا تقوم إلا بالثقات.
وبه قال أحمد والنعمان ومحمد بن الحسن ..
النعمان هو أبو حنيفة، محمد بن الحسن صاحبه.
وقال مالك: إذا شهد عليه أربعة بالزنا فإن كان أحدهم مسخوطاً عليه أو عبداً يجلدون جميعاً، وقال سفيان الثوري وأحمد وإسحاق في أربعة عميان يشهدون على امرأة بالزنا: يضربون.
لأن مرد هذه الشهادة إلى النظر، إلى الرؤية، إلى البصر، وليسوا من أهلها، اللهم إلا إن شهدوا على اعترافها، شهدوا أنها اعترفت بالزنا، فهذا شيء آخر.
طالب: معنى مسخوطاً عليه؟
مسخوطاً عليه، يعني ليس بمرضي، شاهد غير مرضي.
السادسة عشرة: فإن رجع أحد الشهود، وقد رجم المشهود عليه في الزنا، فقالت طائفة: يغرم ربع الدية، ولا شيء على الآخرين، وكذلك قال قتادة وحماد وعكرمة وأبو هاشم ومالك وأحمد وأصحاب الرأي، وقال الشافعي: إن قال تعمدتُ ليقتل فالأولياء بالخيار إن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا عفوا وأخذوا ربع الدية ..
لأن القتل لا يتبعض، وإنما قتل المقتول بشهادته التي الدافع له عليها أن يقتل، فمثل هذا يستحق القتل، وإن عفوا عن القتل وقبلوا الدية فإنما قتل بربع -بالنسبة له- بربع البينة، فعليه حينئذٍ ربع الدية، والدية تتبعض.
وإن شاءوا عفوا وأخذوا ربع الدية وعليه الحد، وقال الحسن البصري: يقتل وعلى الآخرين ثلاثة أرباع الدية، وقال ابن سيرين: إذا قال: أخطأت وأردت غيره فعليه الدية كاملة، وإن قال تعمدت قتل، وبه قال ابن شبرمة.
السابعة عشرة: واختلف العلماء في حد القذف هل هو من حقوق الله أو من حقوق الآدميين أو فيه شائبة منهما؟
الأول: قول أبي حنيفة، والثاني: قول مالك والشافعي، والثالث: قاله بعض المتأخرين، وفائدة الخلاف أنه إن كان حقاً لله تعالى وبلغ الإمام أقامه، وإن لم يطلب ذلك المقذوف، ونفعت القاذف التوبة فيما بينه وبين الله تعالى ويتشطر فيه الحد بالرق كالزنا، وإن كان حقاً للآدمي فلا يقيمه الإمام إلا بمطالبة المقذوف ويسقط بعفوه، ولم تنفع القاذف التوبة حتى يحلله المقذوف.
نعم، لأن الأمر لا يعدوه حق له.