فالقاذف يحكم عليه بثلاثة أحكام، الجلد ثمانين جلدة، ورد الشهادة رداً مؤبداً مع الفسق، هذه الثلاثة، ويستثنى من ذلك إلا الذين تابوا.
طالب: لو شهد ثلاثة وشهادة الرابع عبارة عن تصوير؟
الشيخ: ما يكفي، ما يكفي، لا بد من أربعة.
طالب: ما يكونوا الثلاثة قرينة، قرينة قوية؟
ولو كانت القرينة قوية ما تكفي، لا بد من أربعة، والتصوير يعتريه ما يعتريه، قد لا يحكي الواقع.
الحادية والعشرين:
قوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(٥) سورة النور] في موضع نصب على الاستثناء، ويجوز أن يكون في موضع خفضٍ على البدل، والمعنى: ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً، إلا الذين تابوا وأصلحوا من بعد القذف، فإن الله غفور رحيم، فتضمنت الآية ثلاثة أحكام في القاذف: جلده، ورد شهادته أبداً، وفسقه، فالاستثناء غير عامل في جلده بالإجماع إلا ما روي عن الشعبي على ما يأتي، وعامل في فسقه بإجماع، واختلف الناس في عمله في رد الشهادة ..
وهكذا الشأن في كل استثناء يتعقب جملاً، هل يعود إلى الجميع أو إلى الأخيرة فقط؟ محل خلافٍ بين أهل العلم، أما عوده على الجملة الأخيرة بمحل اتفاق، وما عداها حسب ما تدل عليه الأدلة الخارجية.
فقال شريح القاضي وإبراهيم النخعي والحسن البصري وسفيان الثوري وأبو حنيفة: لا يعمل الاستثناء في رد شهادته، وإنما يزول فسقه عند الله تعالى ..
دليل أنه قال:{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(٤) سورة النور] هذا التأبيد له تأثيره.
وأما شهادة القاذف فلا تقبل البتة، ولو تاب وأكذب نفسه ولا بحالٍ من الأحوال، وقال الجمهور: الاستثناء عامل في رد الشهادة، فإذا تاب القاذف قبلت شهادته ..
لأن رد الشهادة سببه الفسق، الفسق الناشئ عن هذا القذف، فإذا ارتفع الوصف الذي هو الفسق وسبب رد الشهادة ارتفع ما رتب عليه وهو رد الشهادة.
فإذا تاب القاذف قبلت شهادته، وإنما كان ردها لعلة الفسق، فإذا زال بالتوبة قبلت شهادته مطلقاً، قبل الحد وبعده، وهو قول عامة الفقهاء.