للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلاةِ على أبي يوسفَ في (١) بغدادَ وعلى رأسي قَلنسوةٌ قد بدت القُطنةُ منها حتَّى مضى ثلاثُ سنين لم ألبس قَلنسوةً جديدةً ولا جبّةً جديدةً ولا قميصَ، لاشتغالِ قراءةِ كتابِ الصلاةَ، فقال: يا أبا عليٍّ، ما رأيتُ تحتَ خضراءِ السماءِ، ولا فوقَ أديمِ الأرض أشرفَ وأفخرَ من "كتاب الصلاة" سوى كتابِ اللهِ تعالى.

ورُوِيَ عن الحسنِ: أَنَّه قال: تَخرَّقَ "كتابُ الصلاةِ" في كُمِّي كذا وكذا مرّاتٍ، فما نظرتُ فيه إلّا وقد استفدتُ في كلِّ مرّةٍ فائدةً جديدةً.

ورُوِيَ عن مُحمَّدِ بنِ سَلَمَةَ أَنَّه قال: قرأتُ كتابَ الصلاةِ، وقُرِئَ عليَّ أربعمئةِ مرّةٍ؛ فما نظرتُ فيه إلّا و (٢) استفدتُ في كلِّ مرّةٍ فائدةً جديدةً.

وذُكِرَ في "التقريرِ شرحِ البزدويِّ": أنَّ المُتقدِّمِينَ مِنْ علمائِنا قالوا: إِنَّ سببَ وجوبِ العباداتِ نِعَمُ اللهِ تعالى علينا؛ شكرًا لها، وإن كانَ لا يمكنُ الخروجُ عن عهدةِ شُكرِ نعمِه؛ لكثرتِها وقلّةِ مُدّةِ العُمُر:

فالإيمانُ: شكرُ نعمةِ الوجودِ، والنطقِ، وكمالِ العقلِ.

والصلاةُ: شكر نعمةِ الأعضاء السليمةِ، فإنَّه يَعرِفُ بمَا لَحِقَ بها مِنَ المشقّةِ قَدْرَ الراحةِ، والشكر: نِعمةِ اقتضاءٍ (٣) الشهواتِ والاستمتاعِ بها، وإلى هذا الطريق مالَ صدرُ الإسلام، وصاحبُ كتاب "الميزان".


(١) زاد في (ص) و (س): (مدينة).
(٢) زاد في (ص) و (س): (قد).
(٣) (والشكر اقتضاء نعمة) في (ص): (والصوم شكر نعمة).

<<  <   >  >>