للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاعلم أنّ الصانعَ للعالمِ (١) واحدٌ، ولو كان صانِعَينِ: لثبت بينهما تمانعُ قولِهِ تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ (٢) [الأنبياء: ٢٢]، والتمانعُ دليلُ حدوثِهما أو حدوث أحدهما، فإنَّ أحدَهما لو أرادَ أن يخلقَ في شخصٍ واحدٍ حياةً، والآخرُ موتًا في تلك الحالةِ، فإمّا أن:

- يحصلَ مرادُهما وهو محالٌ.

- أو تعطَّلت إرادتُهما وهو تعجيزُهما.

- أو نفذت إرادةُ أحدِهما دونَ الآخر، وفيه تعجيزُ من لم تنفذْ إرادتُهُ، والعاجزُ مُنحَطٌّ عن درجةِ الأُلوهيَّة؛ إذ العجزُ من أماراتِ الحدوث (٣).

وإذا لم يُتصوَّر إثباتُ صانعين كان واحدًا ضرورةً.

وهو قديمٌ؛ إذ لو لم يكن قديمًا لكان حادثًا؛ لعدمِ الواسطةِ (٤) بينهما؛ إذ: القديمُ: ما لا ابتداءَ لوجودهِ.

- والحادثُ: ما لوجودهِ ابتداءٌ.

ولا واسطةَ بين السَّلبِ والإيجابِ، ولو كان حادثًا لافتقرَ إلى محدثٍ، وكذا الثاني والثالثُ، فيؤدِّي إلى التسلسلِ، فهو باطلٌ.

فثبت أن الله تعالى موجودٌ، واحدٌ، قديمٌ، حيٌّ بحياةٍ أزليَّة سرمديَّة، لا سبيلَ


(١) في (ص): (صانع العالم).
(٢) سقط من (ص) و (س) قوله: قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾.
(٣) في (ص): (الحدث).
(٤) الواسطة: الطريقة والذريعة، وتأتي بمعنى العلة والوسيلة مجازًا، ولم يعرفه الأئمة "متن اللغة"، مادة (و س ط).

<<  <   >  >>