للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بظاهرِه؛ لأنَّ قلبَهُ مَحلُّ الخِطابِ الذي تميَّزَ به عن (١) سائِرِ الحيواناتِ، فينزِلُ (٢) القالَبُ منزلةَ القلبِ القشرَ من اللبِّ، ولا يَبعُدُ، فإنَّ القلبَ إنَّما سُمِّي (٣) لُبًّا؛ لكونِهِ مقصودًا.

وكذلك الجوزُ واللوزُ وأمثالُهُما المقصودُ منهُما اللبُّ دونَ القِشرِ، ولا وُصولَ إلى اللبِّ إِلَّا بِكَسرِ القِشرِ، ومَنْ قَنِعَ بالقشرِ عن اللبِّ، فاشتَغَلَ (٤) بِتزييِنِه، فهوَ كصبيٍّ يلعبُ بالجَوْزِ، ويستَأنِسُ بقشرِهِ، ويغفلُ عن لُبِّهِ.

وَرُبَّما يُزيَّنُ القِشرُ بألوانِ الحُمرَةِ والصفرَةِ … وغيرِهما، فيُتلى عليه قولُه تعالى: ﴿أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ (٥) … ﴾؟ الآية [الحديد: ٢٠].

ومَن عَرَفَ المقصودَ من الجوزِ (٦) هو اللبُّ: لا يُبالي بِكسرِ القِشرِ؛ تحقيقًا للوصولِ إلى القلبِ (٧)، فإن كُنتَ أردتَ أن تَصِلَ إلى لُبِّكَ، وهو قلبُكَ الذي هو عَرْشُ رَبِّكَ، كما قالَ اللهُ تعالى: "لا يَسَعُنِي أرضِي ولا سمائِي، وإنَّما يسعُنِي قلبُ عبدِيَ المؤمنِ": فَعَليكَ بكَسْرِ ظاهِرِكَ، وقَهرِ نَفْسِكَ بحجرِ الرياضةِ، ومُخالفَةِ النفْسِ، وحِرمانِ مُشتهياتِها (٨).


(١) سقط من الأصل: (عن)، وزيد في (ص): (من).
(٢) في (س) و (ص): (فنزل).
(٣) قوله: (إنما سمّي) هو في (س) و (ص): (يسمّى).
(٤) في (ص): (واشتغل).
(٥) قوله: (وتكاثر في الأموال والأولاد): لم يذكر في (س) و (ص).
(٦) زيد في (س): (ومن اللوز).
(٧) في (س) و (ص): (اللب).
(٨) زيد في (ص): (ثُمَّ مِنَ الناسِ من يأكُلُ اللبَّ مع قشرِهِ الرقيق التحتانيِّ، ولا يُبالي بخلوُّه عن الطعمِ؛ =

<<  <   >  >>