للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويُشيرُ إلى (١) ذَلِكَ رَسولُ اللهِ بقولِه: "موتُوا قبلَ أن تَموتوا" (٢)، وهو قِتالٌ.

وجِهادُها في الله، فهو أمرٌ لازمٌ على الطالبِ، وحقٌّ واجبٌ على السالكِ؛ لقوله تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ [الحج: ٧٨].

وحقيقةُ الجهادِ: رَفعُ وجودِ (٣) المجازيِّ، فإنَّهُ (٤) الحِجابُ بينَ العبدِ والربِّ، كما قيلَ: وجودُكَ ذنبٌ لا يُقاسُ لهُ ذَنبٌ.

وكما قالَ ابنُ منصورٍ:


= لشُّحِّهِ وحرصِهِ، ومنهم من يُزيلُهُ عن اللبِّ كما أزالَ القِشْرَ الفوقانيَّ، ويقولُ: الثاني كالأَوَّلِ في أنَّهما لا يَصلُحانِ للتغذيةِ والتقويةِ؛ فيرميه ويأكل اللبَّ، ومنهم من يَعصِرُ اللبَّ ويأخُذُ الدُّهنَ، ويقولُ: هوَ المقصودُ، ويتركُ الثَّجِيرَ -يعني ثُفْلَهُ- ويقولُ: هذا غِذَاءُ البهائمِ، فلا يليقُ لأربابِ العزائمِ، وإنّما المقصودُ من اللبُّ طعمُهُ، وطعمُهُ بدُهنِهِ، ومنهم من تركَ حظَّ النفسِ منهُ، بل صرفَ الدُّهنَ إلى إيقادِ سراجٍ يستريحُ الخلقُ بنورِهِ، فكلُّ من أَنِسَها من جانبِ طورِ الإرادةِ؛ فإذا أتاها نودِيَ إِنِّي أنا اللهُ رَبُّ العالمينَ، كذلكَ المريدُ إذا كسَرَ النفسَ، وهو القشْرُ الفوقانيُّ الخارجيُّ بالخلوَةِ والمجاهدَةِ وتركِ الحرامِ المحضِ بقِيَ عليه القشرُ التحتانيُّ الباطنيُّ؛ وهو: المَيْلُ إلى الشُّبُهَاتِ بواسطةِ الشهواتِ؛ ينبغي أن يُزِيلَ هذا القشرَ أيضًا، حتى يَسلَمُ له اللبُّ، ثمَّ في هذا اللبِّ ثَجِيرُ حبِّ الجاهِ وطلبُ المنزلَةِ، وذلك حظُّ الأنامِ اللئامِ، كما أنَّ الثجِيرَ طعامُ الأنعامِ، فيتركُهُ ويعصِرُهُ بمعصارِ الزهدِ في الدنيا والتقلُّلِ من الطعامِ والمنامِ والكلامِ، والاعتزالِ عن الناسِ، وتحقيقِ اليأس، حتى يَخرُجَ منه دُهنُ الإخلاصِ: الذي هو المقصِدُ، وهو لا يحصُلُ إلا بكسرِ الظاهرِ وقهرِ النفسِ بمقامِعِ الرياضةِ، والتحمُّلِ والمخالفةِ، وحِرْمَانِ مُشْتَهَيَاتِها).
(١) في (ص): (على).
(٢) أوردَهُ ابنُ حجرٍ العسقلانيُّ في "الإمتاعِ بالأحاديثِ متباينةِ السماعِ" ص: (٩٨)، قال: (هو غير ثابت).
(٣) في (ص): (الوجود).
(٤) في (س): (فإنَّ).

<<  <   >  >>