للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترقَّى درجةً فظنَّ أَنَّه قَرُبَ (١): بَعْدَ، وأُلْقِيَ بِلَمْحَةٍ مِن ذُروَةِ الجبلِ إِلى حَضِيضِ ما كانَ فيهِ مُنذُ سِنِينَ.

ألا يا أيُّها (٢) الطالبُ (٣)، قدْ ضلَّ في هذا الطريقِ خَلقٌ عظيمٌ مِنَ العبادِ المُتَّقِينَ، وأَعِزَّةِ السالكينَ، إِلَّا عِبادَ اللهِ المُخلَصينَ، المُتَشبِّثِينَ بأذيالِ المُرشِدينَ، ولهذا أَمَرَ اللهُ تعالى بِطَلَبِ المُرشِدِ وقال (٤): ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٣٥].

وقال أهلُ التحقيقِ: المُرادُ مِنَ الوسيلةِ: المُرشِدُ، فقالَ : "الرفيقُ ثمَّ الطريقُ" (٥)، وقالَ الشيخُ أبو عليٍّ الروذباريُّ (٦): لو أَنَّ رَجُلًا جَمَعَ العلومَ كُلَّها، وصَحِبَ طوائِفَ الناسِ، لا يَبْلُغُ مَبْلَغَ الرجالِ إلَّا بالرياضةِ بأمرِ شيخٍ مُرشِدٍ.

ومن لم يأخُذ أدَبًا ظاهِرًا، ومُراقَبَةً باطنةً (٧) مِن مُرشِدٍ يُريدُ به (٨) عُيُوبَ أعمَالِه (٩)، ورُعوناتِ نَفْسِهِ: لا يَحصُلُ لهُ السلوكُ.


(١) زيد في (س) و (ص): (فقد).
(٢) في (س): (أيها).
(٣) زيد في (ص): (السالك).
(٤) زيد في (ص): (الاسم الجليل).
(٥) أورده العجلوني في كشف الخفاء رقم: (٥٣١).
(٦) (محمد بن أحمد بن القاسم، أبو علي الروذباري: (فاضل، من كبار الصوفية، من أولاد الرؤساء والوزراء، له تصانيف حسان في التصوف، أصله من بغداد سكن مصر تـ: (٣٢٢ هـ) "الأعلام" (٥/ ٣٠٩).
(٧) في (ص): (باطنا).
(٨) قوله: (يريد به) هو في (س) و (ص): (يريه).
(٩) في (ص): (أفعاله).

<<  <   >  >>