للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا يكونُ (١) الوقوفُ على أسرارِ الحقيقةِ، إلَّا بإتيانِ الأعمالِ المبيَّنةِ ببيانِ لسانِ صاحِبِ الشرعِ؛ لأنَّ كُلَّ طريقةٍ تُخالِفُ الشريعَةَ: فهِيَ كفرٌ، وكُلَّ حقيقةٍ لا يَشهدُ عليها الكتابُ والسنَّةُ: فهوَ إلحادٌ وزندقةٌ (٢).

ومَن زَعَمَ أَنَّ العُبورَ من حُجُبِ البشريَّةِ، والوقوفَ على أسرارِ الطريقةِ والحقيقةِ بغيرِ رياضةٍ بأمرِ مُرشِدٍ، وبِما (٣) يُخالِفُ الشَّريعةَ: فقد غلبَ عليهِ الضلالُ (٤) والنسيانُ، واستهواهُ (٥) الشيطانُ في الأرضِ حَيرانَ، حتَّى أوقَعتْهُ (٦) في أوديةِ الهِجرانِ، وأهلكَتْهُ في قيعانِ الخُسرانِ، وأسكنَتهُ في مَسكَنِ الخذلانِ، وأَغوَتهُ في بيداءِ الفِراقِ، ومالَهُ في الآخرةِ من خَلَاق.


(١) في (ص): (يمكن).
(٢) زيد في (ص): (قال الشيخُ الكاملُ المكمَّلُ نجمُ الدين الكبرِي: الشريعةُ كالسفينةِ، والطريقةُ كالبحرِ، والحقيقةُ كالدرِّ، فمَن أرادَ الدُّرَّ رَكِبَ في السفينةِ ثم شَرَعَ في البحرِ ثُمَّ وَصَلَ إلى الدُّرِّ، فَمَن ترَكَ هذا الترتيبَ لم يصِلْ إلى الدُّرِّ، فأَوَّلُ شيءٍ وَجَبَ على الطالبِ هو الشريعةُ، والمرادُ بالشريعةِ أوامرُ اللهِ تعالى ورسولِهِ، من الوضوءِ والصلاةِ والصومِ وغير ذلكَ مِنَ الأوامرِ والنواهِي، والطريقة هو الأخذُ بالتقوَى، ومَا يُقَرِّبُكَ إلى المولى، مِن قَطعِ المنازِلِ والمقاماتِ، وأمّا الحقيقةُ فهِيَ الوصولُ إلى المقصدِ ومشاهدَةِ نُورِ التجلّي، كما قيلَ في الصلاةِ: إنَّ الصلاةَ خِدمَةٌ وقُربةٌ ووَصلَةٌ؛ فالخدمة في الشريعةِ، والقُربَةُ في الطريقةِ، والوَصلَةُ هي الحقيقةُ، والصلاةُ جامعةٌ لهذه الخصالِ الثلاثةِ، كما قيلَ: الشريعةُ أن تعبُدَهُ، والطريقةُ أن تَحضُرَهُ، والحقيقةُ أن تَشهَدَهُ، أمّا طهارةُ الشريعةِ بالماءِ، وطهارةُ الطريقةِ بالتخليةِ عن الهوى، وطهارةُ الحقيقةِ خلوُّ القلبِ عمّا سِوَى اللهِ تعالى.
وقالَ الجُنَيدُ : الطرقُ كلُّها مَسدودةٌ على الخلقِ إلّا على من اقتَفَى أثرَ الرسولِ ).
(٣) قوله: (بغيرِ رياضةٍ بأمرِ مُرشدٍ، وبما) هو في (ص): (بما).
(٤) في (ص): (الضلالة).
(٥) في (ص): (واستهوته).
(٦) في (س) و (ص): (أوبقته).

<<  <   >  >>