للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحصلُ منهُ (١) الحضورُ، وهوَ سببُ العبورِ.

وقال المشايخُ: من علامةِ الإفلاسِ الاستئناسُ بالناسِ.

كذا قالَ السلفُ في الزمانِ الذي كانَ (٢) العِلمُ والعملُ مملوءًا، وأحكامُ الشريعةِ مرعيًّا، وطرقُ الطريقَةِ مسلوكًا، وأمَّا في زمانِنا هذا قد تطايرَتْ شراراتُ الشرورِ، وطَلَعَ فجرُ الفجورِ، وغابَ شَفَقُ الشفقةِ، ورَكَنَت أعلامُ العلومِ بالانتكاسِ، وأشرَفَتْ مناهجُ الطريقةِ على الاندراسِ والانطماسِ (٣).

فعليكُم - أيُّها الإخوانُ والخِلانُ - في هذهِ الأحوانِ (٤)، باختيار الانفِرادِ والعُزلَةِ، واستبشار (٥) الانزواءِ والخَلوةِ، ويُشيرُ على ذلك ما رُوِيَ عن أبي (٦) يوسفَ بنِ أسباطٍ (٧) (٨) قالَ: سمعتُ النَّوَرِيَّ (٩) يقولُ: واللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هوَ لقدْ حلَّتِ العُزلَةُ في هذا الزمانِ.


(١) قوله: (منه الحضور) هو في (ص): (به التصفية والحضور).
(٢) زيد في (س) و (ص): (نور).
(٣) زيد في (ص): (بل لم يبق من الطرية إلّا اسمه على ألسن النّاس).
(٤) في (ص): (هذا الزمان)، وفي (س): (هذا الأوان) ويظهر أنّ (الأحوان) جمع (حين) والمشهور: الأحيان.
(٥) في (ص): (واستئثار).
(٦) قوله: (أبي): سقط من (س).
(٧) (يوسف بْن أسباط الزّاهد، ت (١٩١ - ٢٠٠ هـ) أحد مشايخ القوم، لَهُ مواعظ وحِكَم، رَوَى عَنْ: مُحِلّ بن خليفة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وزائدة، وطائفة سواه، رَوَى عَنْهُ: المسيب بن واضح، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي، وغيرهما، وكان مرابطًا بالثغور الشامية) "تاريخ الإسلام" (٤/ ١٢٥٥).
(٨) زيد في (س) و (ص): (أنَّه).
(٩) (إسماعيل بن سودكين بن عبد الله، أبو الطاهر، شمس الدين النوري: (صوفي حنفي تونسي، كان من أصحاب الشيخ محيي الدين بن العربي تـ: (٦٤٦ هـ) "الأعلام" (١/ ٣١٤).

<<  <   >  >>