للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمَنْ أرادَ القُرْبَ فعليه بتركِ (١) الشهوةِ النفسانيَّةِ، فإنَّ ارتكابَ الشهواتِ تسدُّ (٢) أبوابَ المكاشفاتِ.

كما سُئِلَ ذو النون المِصريُّ : ما الذي احتَجَبَ بِهِ المُريدونَ عَنِ اللهِ تعالى؟ فقالَ: النفسُ بشهواتِها (٣)، والاشتغالُ بتَدْبيرِها.

ثمَّ أعلم أيُّها الأخُ السالكُ: أَنَّ مَنبَعَ (٤) الشهواتِ حُطامُ الدنيا وحبُّها (٥)، فعليكَ بتجريدِ الظاهرِ من حُطامِها، وتخليةِ الباطنِ مِنْ حُبِّها (٦)، فلا يَغُرَّنَّكَ الظنُّ الفاسدُ في أنَّ الخوضَ في نعيمِ الدنيا بالأبدانِ لا يُوجِبُ محبَّتَها في الجَنَانِ.

ويُبيِّن ذلكَ قولُ النبيِّ أَنَّه قالَ: "إِنَّما مَثَلُ صاحب الدنيا كمَثَلِ الماشي في الماءِ، هلْ يستطيعُ الذي يَمْشِي في الماءِ ألّا تَبتلَّ (٧) قدماهُ؟ " (٨).

وهذا يُعرِّفُكُ جهالةَ قومٍ ظنُّوا أنَّهم يخوضُونَ في نعيمِ الدنيا بأبدانِهم وقُلُوبُهُم عنها مطهَّرةٌ؛ وعلائِقُها عن باطِنِهم مُنقطعَةٌ، وذلكَ مكيدةُ (٩) الشيطانِ، بل لو أُخرِجوا (١٠) ممَّا هُمْ فيهِ:


(١) في (س): (ترك).
(٢) في (ص): (يسد).
(٣) في (س) و (ص): (وشهواتها).
(٤) في (س): (مبلغ).
(٥) في (ص): (ومحبتها).
(٦) في (ص): (محبتها).
(٧) في (س): (يبتل).
(٨) البيهقيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ" بابُ (الزهد وقصر الأمل) رقم: (٩٩٧٣).
(٩) زيد في (ص): (من).
(١٠) في (س): (خرجوا).

<<  <   >  >>