للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يقول الفقير المحتاج إلى رحمة الله تعالى:

إِنَّ أحكامَ الشَّريعة تومئ إلى أسرارِ الطَّريقة؛ فإنَّ الشرع (١) أَمَرَ بتطهيرِ الظَّاهِرِ للدخول في الصَّلاةِ، ليُفهم منهُ أوْلَوِيَّةُ تطهير الباطن؛ للقُربِ من الله تعالى، فإنَّ في غَسْل الأعضاء الظاهرة إشارة إلى سرٍّ في الباطن:

ففي غَسْلِ اليَدَينِ: إشارة إلى تطهير نَفْسِكَ عن تَلَوُّثِ المعاصي، وتطهير قلبكَ عن تَلَطُّخ الصفات الذميمة الحيوانيةِ والسَّبُعِيَةِ والشَّيطانية.

- وغَسْلُ الوجهِ إشارة إلى نظافة وجهِ هِمَّتك عن ظُلمةِ أُنس حُبِّ الدّنيا، وهو رأسُ (٢) كل خطيئة.

- وغَسْلُ الرّجلين إشارة إلى الاستقامة و (٣) الانخلاع عن الأكوان، والتوجهِ بالكلية إلى الرحمن.

ألا يا أيُّها المتطهرون الغاسلونَ الأعضاء الظاهرة (٤): فعليكُم بطهارة القلب أولا، فإِنَّ القلبَ مَلِكٌ مُطاعٌ (٥) مُتَبعٌ، والأعضاء كلَّها له تبع، فإذا (٦) صلَحَ المتبوع صلَحَ التابع، يُبَيِّنُ ذلكَ ما رُوي عن رسول الله أَنَّهُ قال: "إِنَّ فِي جَسَدِ ابنِ آدَمَ لَمُضْعَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّه، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّه، ألا وهي القَلْبُ" (٧).


(١) في الأصل: (الشريعة).
(٢) في (ص): (أس) وفي هامشها نسخة (رأس).
(٣) في (ص): (في).
(٤) في (ص): (أعضاء الظاهر).
(٥) زاد في (س) و (ص): (و).
(٦) في (س) و (ص): (وإذا).
(٧) رواه البخاري ومسلم، فقد رواه البخاري من حديث النعمان بن بشير في كتاب الإيمان، باب فضل =

<<  <   >  >>