للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان صلاح الظاهرِ في صلاح القلبِ وجَبَ (١) تطهير (٢) القلب؛ يعني: تطهير الصَّرفِ (٣) والتصفية أولا إلى القلب، والباطنُ أحقُّ بالتطهير من الظَّاهِرِ، بلْ كل ما (٤) يحصل للظَّاهر من أنوارٍ تَصْفِيةِ الباطِنِ.

فطهارة الظاهر بالماء، وطهارة القلب تنفي ما سوى الله تعالى، ويشير إلى (٥) ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٩] تنبيهًا للعقول، على أنَّ الطَّهارة والنَّجاسة غيرُ مقصورة على الظواهر المدرَكَةِ بالحسّ؛ فالمشركُ قد يكون نظيف الثّوبِ ومغسول البَدَنِ وقَلْبُهُ مُلَطَّخٌ بنجاسةِ الشِّركِ.

والنَّجاسة: عبارةٌ عما يجتنب ويُطلَبُ البُعْدُ منه، وخبائث الباطن أهم بالاجتناب؛ لقوله : "إِنَّ اللهَ لا ينظرُ إلى صُوَرِكُمْ، وإنَّما يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ" (٦)، فالقلبُ إذًا موضعُ نَظَرِ ربِّ العالمينَ.

فَوا عَجَبًا ممَّنْ يَهتمُّ بِغَسْلِ وجهِهِ الذي هو منظرُ (٧) الخَلْقِ، فَيَغسِلُهُ ويُنظِّفُهُ من


= من استبرأ لدينه، برقم (٥٢)، ورواه مسلمٌ، من حديث أبي هريرة، في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (١٥٩٩).
(١) زاد في (س) و (ص): (صرف).
(٢) في (س) و (ص): (التطهير).
(٣) سقط من (س) و (ص): (القلب يعني تطهير الصرف).
(٤) سقط من ص): (ما).
(٥) في (ص): (على).
(٦) رواه مسلم، في كتاب البر والصلة والآداب، باب: تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله، برقم (٢٥٦٤)، ولفظه: "إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ".
(٧) أي محلّ نظرهم.

<<  <   >  >>